للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعَنْ عَلْقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ فِي ذِكْرِ الثَّمَانِيَةِ مِنَ التَّابِعِيْنَ، قَالَ:

وَأَمَّا الحَسَنُ، فَمَا رَأَيْنَا أَحَداً أَطْوَلَ حُزْناً مِنْهُ، مَا كُنَّا نَرَاهُ إِلاَّ حَدِيْثَ عَهْدٍ بِمُصِيْبَةٍ، ثُمَّ قَالَ: نَضْحَكُ وَلاَ نَدْرِي لَعَلَّ اللهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى بَعْضِ أَعْمَالِنَا.

وَقَالَ: لاَ أَقْبَلُ مِنْكُم شَيْئاً، وَيَحَكَ يَا ابْنَ آدَمَ! هَلْ لَكَ بِمُحَارِبَةِ اللهِ -يَعْنِي: قُوَّةً-.

وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ أَقْوَاماً كَانَتِ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَى أَحَدِهِمْ مِنَ التُّرَابِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَقْوَاماً يُمْسِي (١) أَحَدُهُمْ وَلاَ يَجِدُ عِنْدَهُ إِلاَّ قُوْتاً، فَيَقُوْلُ: لاَ أَجْعَلُ هَذَا كُلَّهُ فِي بَطْنِي.

فَيَتَصَدَّقُ بِبَعْضِهِ، وَلَعَلَّهُ أَجْوَعُ إِلَيْهِ مِمَّنْ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ (٢) .

قَالَ أَيُّوْبُ السِّخْتِيَانِيُّ: لَوْ رَأَيْتَ الحَسَنَ، لَقُلْتَ: إِنَّكَ لَمْ تُجَالِسْ فَقِيْهاً قَطُّ.

وَعَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: مَا زَالَ الحَسَنُ يَعِي الحِكْمَةَ حَتَّى نَطَقَ بِهَا، وَكَانَ إِذَا ذُكِرَ الحَسَنُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ، قَالَ: ذَاكَ الَّذِي يُشْبِهُ كَلاَمُهُ كَلاَمَ الأَنْبِيَاءِ (٣) .

صَالِحٌ المُرِّيُّ: عَنِ الحَسَنِ، قَالَ:

ابْنَ آدَمَ، إِنَّمَا أَنْتَ أَيَّامٌ، كُلَّمَا ذَهَبَ يَوْمٌ، ذَهَبَ بَعْضُكَ (٤) .

مُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ: سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ:

فَضَحَ المَوْتُ الدُّنْيَا، فَلَمْ يَتْرُكْ فِيْهَا لِذِي لُبٍّ فَرَحاً (٥) .

وَرَوَى: ثَابِتٌ، عَنْهُ، قَالَ: ضَحِكُ المُؤْمِنِ غَفْلَةٌ مِنْ قَلْبِهِ (٦) .


(١) في الأصل: " يمشي " بالمعجمة وما أثبتناه من الحلية.
(٢) أورده أبو نعيم في الحلية ٢ / ١٣٤ مطولا.
(٣) الحلية ٢ / ١٤٧، وأورد الفسوي بعضه في " المعرفة والتاريخ " ٢ / ٤٥.
(٤) الحلية ٢ / ١٤٨.
(٥) الحلية ٢ / ١٤٩، وأورده أحمد في " الزهد " ٢٥٨ من طريق آخر.
(٦) ابن سعد ٧ / ١٧٠، والحلية ٢ / ١٥٢، وأورد نحوه أحمد في " الزهد " ٢٧٩.