للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} كَيْفَ اسْتِوَاؤُهُ؟

فَأَطرَقَ مَالِكٌ، وَأَخَذَتْهُ الرُّحَضَاءُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، وَلاَ يُقَالُ لَهُ: كَيْفَ، وَ (كَيْفَ) عَنْهُ مَرْفُوْعٌ، وَأَنْتَ رَجُلُ سُوءٍ، صَاحِبُ بِدْعَةٍ، أَخْرِجُوْهُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قَشْمَرْدُ النَّيْسَابُورِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ:

كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} ... ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَفِيْهِ: فَقَالَ: الاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُوْلٍ.

وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فِي كِتَابِ (الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ (١)) لَهُ، قَالَ:

حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بنُ النُّعْمَانِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ، قَالَ:

قَالَ مَالِكٌ: اللهُ فِي السَّمَاءِ، وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لاَ يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العُمَرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ:

القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، وَكَلاَمُ اللهِ مِنْهُ، وَلَيْسَ مِنَ اللهِ شَيْءٌ مَخْلُوْقٌ (٢) .


(١) ويرى المؤلف رحمه الله أن هذا الكتاب موضوع على الامام أحمد لا تصح نسبته إليه كما سيجئ ذلك في ترجمته في الجزء الحادي عشر من هذا الكتاب، ومما يؤكد قوله أن في السند إليه مجهولا وهو الخضر بن المثنى والرواية عن مجهول مقدوح فيها، مطعون في سندها، على أن فيه آراء تخالف ما كان عليه السلف الصالح من معتقد، ويختلف عما جاء عن الامام في غيره مما صح عنه، ولا نجد لهذا الكتاب ذكرا لدى أقرب الناس إلى الامام أحمد ممن عاصروه وجالسوه أو أتوا بعده مباشرة، وهم على مشربه، وكتبوا في الموضوع ذاته كالامام البخاري ت ٢٥٦، وعبد الله مسلم بن قتيبة ت ٢٧٦، وأبي سعيد الدارمي ت ٢٨٠ وأبو الحسن الأشعري قد ذكر عقيدة الامام أحمد في كتابه " مقالات الإسلاميين " ولكنه لم يشر إلى هذا الكتاب مطلقا، ولم يستنفد منه شيئا.
(٢) ذكره في " ترتيب المدارك " ١ / ١٧٤.