للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِيْهَا: ظَهَرَ بِدِمَشْقَ السُّفْيَانِيُّ، وَهُوَ أَبُو العَمَيْطَرِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ بنِ مُعَاوِيَةَ (١) ، فَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَطَرَدَ عَامِلَ الأَمِيْنِ، وَتَمَكَّنَ، وَانضَمَّتْ إِلَيْهِ اليَمَانِيَّةُ، وَأَهْلُ حِمْصَ وَقِنَّسْرِيْنَ (٢) وَالسَّاحِلِ، إِلاَّ أَنَّ قَيْساً لَمْ تُتَابِعْهُ، وَهَرَبُوا.

ثُمَّ هَزَمَ طَاهِرٌ جَيْشاً ثَالِثاً لِلأَمِيْنِ، ثُمَّ نَزَلَ حُلْوَانَ (٣) .

وَأَنْفَقَ الأَمِيْنُ بُيُوْتَ الأَمْوَالِ عَلَى الجُنْدِ وَلاَ يَنْفَعُوْنَ، وَجَاءتْ أَمْدَادُ المَأْمُوْنِ مَعَ هَرْثَمَةَ بنِ أَعْيَنَ، وَالفَضْلِ بنِ سَهْلٍ، وَضَعُفَ أَمرُ الأَمِيْنِ، وَجَبُنَ جُندُهُ مِنَ الخُرَاسَانِيِّيْنَ، فَجَهَّزَ عَبْدَ المَلِكِ بنَ صَالِحٍ العَبَّاسِيَّ إِلَى الشَّامِ لِيَجمَعَ لَهُ جُنْداً، وَبَذَلَ خَزَائِنَ الذَّهَبِ لَهُم، فَوَقَعَ مَا بَيْنَ العَرَبِ وَبَيْنَ الزَّوَاقِيْلِ (٤) ، فَرَاحَ تَحْتَ السَّيْفِ خَلقٌ مِنْهُم، وَأَحَاطَتْ المَأْمُوْنِيَّةُ بِبَغْدَادَ، يُحَاصِرُوْنَ الأَمِيْنَ، وَاشتَدَّ البَلاَءُ، وَعَظُمَ القِتَالُ، وَقَاتَلَتِ العَامَّةُ وَالرَّعَاعُ عَنِ الأَمِيْنِ قِتَالَ المَوْتِ، وَاسْتَمَرَّ الوَيلُ وَالحِصَارُ، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ لاَ تُوصَفُ، وَتَفَاقَمَ الأَمْرُ (٥) .

وَدَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِيْنَ، وَفَرَّ القَاسِمُ المُلَقَّبُ بِالمُؤْتَمَنِ وَعَمُّهُ مَنْصُوْرٌ، فَلَحِقَا بِالمَأْمُوْنِ، وَرُمِي بِالمَجَانِيقِ، وَأُخِذَتِ النُّقُوبُ (٦) ، وَنَفِدَتْ


(١) تقدمت ترجمته في الصفحة ٢٨٢ من هذا الجزء.
(٢) هي مدينة قريبة من حمص، فتحت على يد أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه في سنة ١٧ للهجرة.
(٣) هي مدينة عامرة بالعراق قريبة من بغداد، فتحها المسلمون بعد فراغهم من فتح جلولاء على يد جرير بن عبد الله البجلي سنة ١٩ هـ.
(٤) قال ابن دريد في " الاشتقاق ": الزقل منه اشتقاق الزواقيل، وهم قوم بناحية الجزيرة وما والاها.
(٥) " الطبري " ٨ / ٢٥٤ - ٢٤٧.
(٦) النقوب جمع نقب: وهو الطريق الضيق في الجبل.