للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ حَرْمَلَةُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ:

وَدِدْتُ أَنَّ كُلَّ عِلْمٍ أُعَلِّمُهُ، تَعَلَّمَهُ النَّاسُ، أُوْجَرُ عَلَيْهِ وَلاَ يَحْمَدُونِي (١) .

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ وَارَةَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ: مَا تَرَى فِي كُتُبِ الشَّافِعِيِّ الَّتِي عِنْدَ العِرَاقِيِّينَ، أَهِيَ أَحَبُّ إِليَكَ، أَوِ الَّتِي بِمِصْرَ؟

قَالَ: عَلَيْكَ بِالكُتُبِ الَّتِي عَمِلَهَا بِمِصْرَ، فَإِنَّهُ وَضَعَ هَذِهِ الكُتُبَ بِالعِرَاقِ، وَلَمْ يُحْكِمْهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِصْرَ، فَأَحْكَمَ تِلْكَ.

وَقُلْتُ لأَحْمَدَ: مَا تَرَى لِي مِنَ الكُتُبِ أَنْ أَنْظُرُ فِيْهِ، رَأْيُ مَالِكٍ، أَوِ الثَّوْرِيِّ، أَوِ الأَوْزَاعِيِّ؟

فَقَالَ لِي قَوْلاً أُجِلُّهُم أَنْ أَذْكُرَهُ، وَقَالَ: عَلَيْكَ بِالشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ أَكْثَرُهُم صَوَاباً، وَأَتْبَعُهُم لِلآثَارِ (٢) .

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ نَاجِيَةَ الحَافِظُ: سَمِعْتُ ابْنَ وَارَةَ يَقُوْلُ:

قَدِمْتُ مِنْ مِصْرَ، فَأَتَيْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَقَالَ لِي: كَتَبْتَ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ؟

قُلْتُ: لاَ.

قَالَ: فَرَّطْتَ، مَا عَرَفْنَا العُمُوْمَ مِنَ الخُصُوصِ، وَنَاسِخَ الحَدِيْثِ مِنْ مَنْسُوخِهِ حَتَّى جَالَسْنَا الشَّافِعِيَّ.

قَالَ: فَحَمَلَنِي ذَلِكَ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى مِصْرَ، فَكَتَبْتُهَا (٣) .

تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الحِكَايَةِ عَنِ ابْنِ نَاجِيَةَ: عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ الرَّازِيُّ الصُّوْفِيُّ،


(١) " آداب الشافعي ": ٩٢، و" حلية الأولياء " ٩ / ١١٩، و" تهذيب الأسماء واللغات " ١ / ٥٤٠، و" توالي التأسيس ": ٦٢، و" البداية " ١٠ / ٢٥٣.
(٢) " آداب الشافعي ": ٦٠، و" الحلية " ٩ / ٩٧، و" مناقب " البيهقي ١ / ٢٦٣، و" الانتقاء ": ٧٦.
ففي هذا الخبر يرى أحمد أن ينظر في كتب الشافعي، ويكتب رأيه، بينما يصرح بخلاف ذلك في جواب سؤال وجهه إليه تلميذه أبو بكر المروذي، فقد جاء في " طبقات أبي يعلى " ١ / ٥٧: قلت لأبي عبد الله: أترى يكتب الرجل كتب الشافعي؟ قال: لا، قلت: أترى أن يكتب الرسالة؟ قال: لا تسألني عن شيء محدث، قلت: كتبتها؟ قال: معاذ الله.
وقال أحمد: لا تكتب كلام مالك، ولا سفيان، ولا الشافعي، ولا إسحاق ابن راهويه، ولا أبي عبيد.
(٣) " مناقب " البيهقي ١ / ٢٦٢، و" معجم الأدباء " ١٧ / ٣١٢.