للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَزْدِيَّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ - وَسُئِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ - فَقَالَ:

لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا بِهِ، لَقَدْ كُنَّا تَعَلَّمْنَا كَلاَمَ القَوْمِ، وَكَتَبْنَا كُتُبَهُمْ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا، فَلَمَّا سَمِعْنَا كَلاَمَهُ، عَلِمْنَا أنَّهُ أَعْلَمُ مِنْ غَيْرِهِ، وَقَدْ جَالَسْنَاهُ الأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ، فَمَا رَأَيْنَا مِنْهُ إِلاَّ كُلَّ خَيْرٍ.

فَقِيْلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، كَانَ يَحْيَى وَأَبُو عُبَيْدٍ لاَ يَرْضَيَانِهِ - يُشِيْرُ إِلَى التَّشَيُّعِ، وَأنَّهُمَا نَسَبَاهُ إِلَى ذَلِكَ -.

فَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: مَا نَدْرِي مَا يَقُوْلاَنِ، وَاللهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُ إِلاَّ خَيْراً (١) .

قُلْتُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَتَشَيَّعُ، فَهُوَ مُفْتَرٍ، لاَ يَدْرِي مَا يَقُوْلُ.

قَدْ قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ عَبْدِ الوَاحِدِ الإِسْتِرَابَاذِيُّ: أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ عَلِيٍّ الجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيْعُ بنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:

حَجَجْنَا مَعَ الشَّافِعِيِّ، فَمَا ارْتَقَى شَرَفاً، وَلاَ هَبَطَ وَادِياً إِلاَّ وَهُوَ يَبْكِي، وَيُنْشِدُ:

يَا رَاكِباً قِفْ بِالمُحَصَّبِ مِنْ مِنَى ... وَاهْتِفْ بِقَاعِدِ خَيْفِنَا وَالنَّاهِضِ

سَحَراً إِذَا فَاضَ الحَجِيْجُ إِلَى مِنَىً ... فَيْضاً كَمُلْتَطِمِ الفُرَاتِ الفَائِضِ

إِنْ كَانَ رَفْضاً حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ ... فَلْيَشْهَدِ الثَّقَلانِ أَنِّي رَافِضِي (٢)


= ابن أحمد بن النضر الأزدي ضعفه الدارقطني كما قال في " تاريخ الخطيب " ١١ / ٣١٦، و" ميزان المؤلف ".
وأورده البيهقي في " المناقب " ٢ / ٢٥٩ من طريق شيخه الحاكم أبي عبد الله، عن أبي أحمد علي بن عبد الله المروزي صاحب " الكنى "، عن علي بن أحمد بن النضر الأزدي.
(١) وللخبر تتمة غاية في النفاسة عند البيهقي، وهي: ثم قال أحمد لمن حوله: اعلموا رحمكم الله تعالى أن الرجل من أهل العلم إذا منحه الله شيئا من العلم، وحرمه قرناؤه وأشكاله، حسدوه فرموه بما ليس فيه، وبئست الخصلة في أهل العلم.
(٢) " مناقب " البيهقي ٢ / ٧١، و" مناقب " الرازي: ٥١، و" تاريخ ابن عساكر " ١٤ / ٤٠٧، و" طبقات الشافعية " للسبكي ١ / ٢٩٩، و" الانتقاء ": ٩٠، ٩١، و" معجم
الأدباء " ١٧ / ٣٢٠، و" عيون التواريخ " ٧ / ١٨٠.