للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى الوِلاَءِ (١) ، دَرْساً دَرْساً حِفْظاً (٢) .

قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ دَاوُدَ بنِ مَنْصُوْرٍ الفَارِسِيُّ: سَمِعْتُ حَفْصَ بنَ عُمَرَ قَالَ:

مَا رَأَيْتُ مِثْلَ قَبِيْصَةَ! مَا رَأَيْتهُ مُتَبَسِّماً قَطُّ، مِنْ عِبَادِ الله الصَّالِحِيْنَ (٣) .

قُلْتُ: كَذَا كَانَ -وَاللهِ- أَهْلُ الحَدِيْثِ، العِلْمَ وَالعِبَادَةَ، وَاليَوْمَ فَلاَ عِلْمَ وَلاَ عِبَادَةَ، بَلْ تَخْبِيْطٌ، وَلَحنٌ، وَتَصْحِيْفٌ كَثِيْرٌ، وَحِفْظٌ يَسِيْرٌ، وَإِذَا لَمْ يَرْتَكِبِ العَظَائِمَ، وَلاَ يُخِلَّ بِالفَرَائِضِ، فَلِلَّهِ دَرُّهُ.

قَالَ جَعْفَرُ بنُ حَمْدُوَيْه: كُنَّا عَلَى بَابِ قَبِيْصَةَ، وَمَعَنَا دُلَفُ ابْنُ الأَمِيْرِ أَبِي دُلَفٍ (٤) ، وَمَعَهُ الخَدَمُ يَكْتُبُ الحَدِيْثَ، فَصَارَ إِلَى بَابِ قَبِيْصَةَ، فَدَقَّ عَلَيْهِ، فَأَبطَأَ قَبِيْصَةُ، فَعَاوَدَهُ الخَدَمُ، وَقِيْلَ لَهُ: ابْنُ مَلِكِ الجَبَلِ عَلَى البَابِ وَأَنْت لاَ تَخْرُجُ إِلَيْهِ!

فَخَرَجَ وَفِي طَرَفِ إِزَارِه كِسَرٌ مِنَ الخُبْزِ، فَقَالَ: رَجُلٌ قَدْ رَضِيَ مِنَ الدُّنْيَا بِهَذَا، مَا يَصْنَعُ بِابْنِ مَلِكِ الجَبَلِ، وَاللهِ لاَ حَدَّثْتُهُ، فَلَمْ يُحَدِّثْهُ (٥) .

قَالَ هَارُوْنُ الحَمَّالُ: سَمِعْتُ قَبِيْصَةَ يَقُوْلُ:

جَالَسْتُ الثَّوْرِيَّ وَأَنَا ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، ثَلاَثَ سِنِيْنَ (٦) .

وَمِنْ تَعَنُّتِ القَاضِي أَبِي الحَسَنِ بنِ القَطَّانِ المَغْرِبِيِّ (٧) - الحَافِظَ عبدَ


(١) أي: متابعة، يقال: والى بين الامر موالاة وولاء: تابع، وافعل هذه الاشياء على الولاء، أي: متابعة.
(٢) " تهذيب الكمال " لوحة ١١٢١.
(٣) " تهذيب الكمال " لوحة ١١٢١.
(٤) سترد ترجمة الأمير أبي دلف في الصفحة ٥٦١ من هذا الجزء.
(٥) " تاريخ بغداد " ١٢ / ٤٧٦.
(٦) " تهذيب الكمال " لوحة ١١٢١.
(٧) هو الحافظ العلامة قاضي الجماعة أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن يحيى =