للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ أَبُو المُظَفَّرِ (١) فِي كِتَابِ (مِرْآةِ الزَّمَانِ) : قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ المُهْتَدِي: لَمَّا دَخَلَ المَأْمُوْنُ بَغْدَادَ، نَادَى بِتَرْكِ الأَمْرِ بِالمَعْرُوْفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ، وَذَلِكَ لأَنَّ الشُّيُوْخَ بَقَوا يَضْرِبُوْنَ وَيَحْبِسُوْنَ، فَنَهَاهُمُ المَأْمُوْنُ، وَقَالَ: قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى إِمَامٍ، فَمَرَّ أَبُو نُعَيْمٍ، فَرَأَى جُنْدِياً وَقَدْ أَدْخَلَ يَدَيْهِ بَيْنَ فَخِذَي امْرَأَةٍ، فَنَهَاهُ بِعُنْفٍ، فَحَمَلَهُ إِلَى الوَالِي، فَيَحْمِلُهُ الوَالِي إِلَى المَأْمُوْنِ.

قَالَ: فَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ بُكرَةً وَهُوَ يُسبِّحُ، فَقَالَ: تَوَضَّأْ.

فَتَوَضَّأْتُ ثَلاَثاً ثَلاَثاً، عَلَى مَا رَوَاهُ عبدُ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ (٢) ، فصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ.

فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَبَوَيْنِ؟

فَقُلْتُ: لِلأُمِّ الثُّلُثُ، وَمَا بَقِيَ لِلأَبِ.

قَالَ: فَإِنْ خَلَّفَ أَبَوَيْهِ وَأَخَاهُ؟

قُلْتُ: المَسْأَلَةُ بحَالِهَا، وَسَقَطَ الأَخُ.

قَالَ: فَإِنْ خَلَّفَ أَبَوَيْنِ وَأَخَوَيْنِ؟

قُلْتُ: لِلأُمِّ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ لِلأَبِ.

قَالَ: فِي قَوْلِ النَّاسِ كُلِّهِم؟

قُلْتُ: لاَ، إِنَّ جَدَّكَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مَا حَجَبَ الأُمَّ عَنِ الثُّلُثِ، إِلاَّ بِثَلاَثَةِ إِخْوَةٍ.

فَقَالَ: يَا هَذَا مَنْ نَهَى مِثْلَكَ عَنِ الأَمرِ بِالمَعْرُوْفِ؟ إِنَّمَا نَهَيْنَا أَقْوَاماً يَجْعَلُوْنَ المَعْرُوْفَ مُنْكَراً، ثُمَّ خَرَجْتُ (٣) .

رَوَى المَرُّوْذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: إِنَّمَا رَفَعَ اللهُ عَفَّانَ وَأَبَا نُعَيْمِ بِالصِّدْقِ، حَتَّى نَوَّهَ بِذِكْرِهِمَا.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيُّ: قُلْتُ لأَبِي دَاوُدَ: كَانَ أَبُو نُعَيْمٍ حَافِظاً؟

قَالَ: جِدّاً (٤) .


(١) هو أبو المظفر يوسف قزا أو غلي المعروف بسبط ابن الجوزي المتوفى سنة ٦٥٤ هـ، وكتابه " مرآة الزمان في تاريخ الأعيان " لم يطبع منه سوى المجلد الثامن بحيدر آباد سنة (١٩٥١ م) .
(٢) أخرجه أبو داود (١١١) و (١١٢) و (١١٣) ، والنسائي ١ / ٦٧، ٧٠، والترمذي (٤٩)
وقال: حديث حسن صحيح، وهو كما قال.
(٣) " تاريخ بغداد " ١٢ / ٣٥٠.
(٤) " تهذيب الكمال " لوحة ١٠٩٨.