للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى مُحَمَّدِ بنِ عَبَّادٍ يَشْكُو ضِيْقاً، وَجَفْوَةَ سُلْطَانٍ، فَنَفَّذَ إِلَيْهِ عَشْرَةَ آلاَفِ دِيْنَارٍ.

وَقَالَ أَبُو العَيْنَاءِ: قَالَ المَأْمُوْنُ لِمُحَمَّدِ بنِ عَبَّادٍ: أَرَدْتُ أَنْ أُوَلِّيَكَ، فَمَنَعَنِي إِسْرَافُكَ.

قَالَ: مَنْعُ الجُوْدِ، سُوْءُ ظَنٍّ بِالمَعْبُوْدِ.

فَقَالَ: لَوْ شِئْتَ أَبْقَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ، فَإِنَّ مَا تُنْفِقُهُ مَا أَبْعَدَ رُجُوعَهُ إِلَيْكَ!

قَالَ: مَنْ لَهُ مَوْلَى غَنِيٌّ لَمْ يَفْتَقِرْ (١) .

فَقَالَ المَأْمُوْنُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُكْرِمَنِي، فَلْيُكْرِمْ ضَيْفِي مُحَمَّداً.

فَجَاءتْهُ الأَمْوَالُ، فَمَا ذَخَرَ مِنْهَا دِرْهَماً، وَقَالَ: الكَرِيْمُ لاَ تُحَنِّكُهُ التَّجَارِبُ.

وَيُقَالُ: إِنَّهُ دَخَلَ مَرَّةً عَلَى المَأْمُوْنِ، فَقَالَ: كَمْ دَيْنُكَ يَا مُحَمَّدُ؟

قَالَ: سِتُّوْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.

فَأَعْطَاهُ مائَةَ أَلْفِ دِيْنَارٍ.

وَقِيْلَ: إِنَّ المَأْمُوْنَ قَالَ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ لاَ يَقْدَمُ أَحَدٌ البَصْرَةَ إِلاَّ أَضَفْتَهُ؟

فَقَالَ: مَنْعُ الجُوْدِ، سُوْءُ ظَنٍّ بِالمَعْبُوْدِ.

فَاسْتَحْسَنَهُ، وَأَعْطَاهُ نَحْوَ سِتَّةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ.

ثُمَّ مَاتَ مُحَمَّدٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ؛ خَمْسُوْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.

وَقِيْلَ لِلْعُتَبِيِّ: مَاتَ مُحَمَّدٌ، فَقَالَ:

نَحْنُ مِتْنَا بِفَقْدِهِ ... وَهُوَ حَيٌّ بِمَجْدِهِ (٢)

تُوُفِّيَ: سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمائَتَيْنِ.


(١) " النجوم الزاهرة " ٢ / ٢١٧.
(٢) " النجوم الزاهرة " ٢ / ٢١٧.