للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقبَلَهُ، وَقَالَ: إِنَّ أَبِي قَدْ أَعَدَّ كَفَنَه وَحَنوطَه.

وَردَّه، فَرَاجَعَه، فَقَالَ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ أَعْفَى أَبَا عَبْدِ اللهِ مِمَّا يَكْرَهُ، وَهَذَا مِمَّا يَكْرَهُ، فَلَسْتُ أَقبَلُه.

وَبِهِ حَدَّثَنَا صَالِحٌ، قَالَ: قَالَ أَبِي:

جَاءنِي يَحْيَى بنُ يَحْيَى - قَالَ أَبِي: وَمَا أَخرجَتْ خُرَاسَانُ بَعْدَ ابْنِ المُبَارَكِ رَجُلاً يُشبِه يَحْيَى بنَ يَحْيَى - فَجَاءنِي ابْنُه، فَقَالَ: إِنَّ أَبِي أَوْصَى بِمَبْطَنَةٍ لَهُ لَكَ، وَقَالَ يُذَكِّرنِي بِهَا.

فَقُلْتُ: جِئْ بِهَا.

فَجَاءَ بِرُزمَةِ ثِيَابٍ، فَقُلْتُ لَهُ: اذهَبْ رَحِمَكَ اللهُ -يَعْنِي: وَلَمْ يَقبلْهَا-.

قُلْتُ: وَقِيْلَ: أَنَّهُ أَخذَ مِنْهَا ثَوباً وَاحِداً.

وَبِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحٌ، قَالَ: قُلْتُ لأَبِي: إِنَّ أَحْمَدَ الدَّوْرَقِيَّ أُعْطِيَ أَلفَ دِيْنَارٍ.

فَقَالَ: يَا بُنَيَّ: {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: ١٣١] .

وَبِهِ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، حَدَّثَنِي عُبَيْدٌ القَارِيُّ، قَالَ:

دَخَلَ عَلَى أَحْمَدَ عَمُّه، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أَيْشٍ هَذَا الغَمُّ؟

وَأَيْشٍ هَذَا الحُزْنُ؟

فَرَفَعَ رَأْسَهُ، وَقَالَ: يَا عَمِّ، طُوبَى لِمَنْ أَخْمَلَ اللهُ ذِكْرَه.

وَبِهِ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:

كَانَ أَحْمَدُ إِذَا رَأَيْتَه، تَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُظهِرُ النُّسكَ، رَأَيْتُ عَلَيْهِ نَعلاً لاَ يُشبهِ نِعَالَ القُرَّاءِ، لَهُ رَأْسٌ كَبِيْرٌ مُعقَّدٌ، وَشِرَاكُه مُسْبَلٌ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ إِزَاراً وَجُبَّةَ بُردٍ مُخطَّطَةً.

أَي: لَمْ يَكُنْ بِزيِّ القُرَّاءِ.

وَبِهِ، حَدَّثَنَا صَالِحٌ: قَالَ لِي أَبِي:

جَاءنِي أَمسُ رَجُلٌ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ تَرَاهُ، بَيْنَا أَنَا قَاعِدٌ فِي نَحرِ الظَّهيرَةِ، إِذَا بِرجُلٍ سَلَّمَ بِالبَابِ، فَكَأَنَّ قَلْبِي ارتَاحَ، فَفَتَحتُ، فَإِذَا أَنَا بِرجُلٍ عَلَيْهِ فَرْوَةٌ، وَعَلَى رَأْسِه خِرقَةٌ، مَا تَحْتَ فَرْوِهِ قَمِيْصٌ، وَلاَ مَعَهُ ركوَةٌ وَلاَ جِرَابٌ وَلاَ عُكَّازٌ، قَدْ لَوَّحَتْه الشَّمْسُ، فَقُلْتُ: