للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ:

وَاللهِ لَقَدْ أَعطيتُ المَجهودَ مِنْ نَفْسِي، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أَنْجُو كَفَافاً.

الحَاكِمُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحَافِظُ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ المُسَيَّبِ، سَمِعْتُ زَكَرِيَّا بنَ يَحْيَى الضَّرِيْرَ يَقُوْلُ:

قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: كم يَكفِي الرَّجُلَ مِنَ الحَدِيْثِ حَتَّى يَكُوْنَ مُفتِياً؟ يَكْفِيه مائَةُ أَلْفٍ؟

فَقَالَ: لاَ.

... إِلَى أَنْ قَالَ: فَيَكْفِيه خَمْسُ مائَةِ أَلْفِ حَدِيْثٍ؟

قَالَ: أَرْجُو.

المِحْنَةُ (١) :

قَالَ عَمْرُو بنُ حَكَّامٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ ٍعَبَّاس:

قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُم - مَخَافَةُ النَّاسِ - أَنْ يَتَكَلَّمَ بِحَقٍّ عَلِمَهُ) .

تَفَرَّدَ بِهِ: عَمْرٌو، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ (٢) .

وَقَالَ سُلَيْمَانُ ابْنُ بِنْتِ شُرَحْبِيْلَ: حَدَّثَنَا عِيْسَى بنُ يُوْنُسَ، عَنْ سُلَيْمَانَ


(١) إن الامام أحمد صار مثلا سائرا، يضرب به المثل في المحنة والصبر على الحق، فإنه لم يكن يأخذه في الله لومة لائم، حتى صارت الامامة مقرونة باسمه في لسان كل أحد، فيقال: قال الامام أحمد، وهذا مذهب الامام أحمد ... لقوله تعالى: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا، وكانوا بآياتنا يوقنون) .
فإنه أعطي من الصبر واليقين ما نال به الامامة في الدين، وقد تداوله ثلاثة خلفاء يسلطون عليه من شرق الأرض إلى غربها، ومعهم من العلماء المتكلمين والقضاة والوزراء والأمراء والولاة ما لا يحصيه إلا الله، فبعضهم تسلط عليه بالحبس، وبعضهم بالتهديد الشديد، وبعضهم يعده بالقتل وبغيره من الرعب، وبعضهم بالترغيب في الرياسة والمال، وبعضهم بالنفي والتشريد من وطنه.
وقد خذله في ذلك أهل الأرض حتى أصحابه العلماء والصالحون، وهو مع ذلك لا يجيبهم إلى كلمة واحدة مما طلبوا منه، وما رجع عما جاء به الكتاب والسنة، ولاكتم العلم، ولا استعمل التقية، بل قد أظهر من سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وآثاره ما دفع به البدع المخالفة لذلك ما لم يتأت مثله لعالم من نظرائه.
(٢) لكن نقل المصنف في " الميزان " قول ابن عدي: عامة ما يرويه عمرو بن حكام غير متابع عليه، إلا أنه مع ضعفه يكتب حديثه.
ومعنى هذا أن ضعفه خفيف، ويصلح حديثه أن يكون شاهدا، وهو هنا كذلك.