للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَشَفقتِي عَلَى ابْنِي هَارُوْنَ، مَا تَقُوْلُ؟

فَأَقُوْلُ: أَعطُونِي شَيْئاً مِنْ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ.

فَلَمَّا طَالَ المَجْلِسُ، ضَجِرَ، وَقَالَ: قُومُوا، وَحَبَسَنِي -يَعْنِي عِنْدَهُ (١) - وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ إِسْحَاقَ يُكَلِّمُنِي، وَقَالَ: وَيْحَكَ! أَجِبْنِي (٢) .

وَقَالَ: وَيْحَكَ! ألَمْ تَكنْ تَأتينَا؟

فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، أَعْرِفُه مُنْذُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً، يَرَى طَاعتَكَ وَالحَجَّ وَالجِهَادَ مَعَكَ.

فَيَقُوْلُ: وَاللهِ إِنَّهُ لَعَالِمٌ، وَإِنَّهُ لَفَقِيْهٌ، وَمَا يَسوءُنِي أَنْ يَكُوْنَ مَعِي يَرُدُّ عَنِّي أَهْلَ المِلَلِ.

ثُمَّ قَالَ: مَا كُنْتَ تَعْرِفُ صَالِحاً الرَّشِيْدِيَّ؟

قُلْتُ: قَدْ سَمِعْتُ بِهِ (٣) .

قَالَ: كَانَ مُؤَدِّبِي، وَكَانَ فِي ذَلِكَ المَوْضِعِ جَالِساً - وَأَشَارَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الدَّارِ - فَسَألنِي (٤) عَنِ القُرْآنِ، فَخَالَفَنِي، فَأَمرْتُ بِهِ، فُوُطِئَ وَسُحِبَ! يَا أَحْمَدُ، أَجِبنِي إِلَى شَيْءٍ لَكَ فِيْهِ أَدنَى فَرَجٍ حَتَّى أُطْلِقَ عَنْكَ بِيَدِي.

قُلْتُ: أَعطُونِي شَيْئاً مِنْ كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ.

فَطَالَ المَجْلِسُ، وَقَامَ، وَرُدِدْتُ إِلَى المَوْضِعِ.

فلَمَّا كَانَ بَعْدَ المَغْرِبِ، وَجَّهَ إِلَيَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ، يَبِيتَانِ عِنْدِي وَيُنَاظرَانِي وَيُقِيمَانِ مَعِي، حَتَّى إِذَا كَانَ وَقْتُ الإِفطَارِ، جِيْءَ بِالطَّعَامِ، وَيَجتَهِدَانِ بِي أَنْ أُفطِرَ فَلاَ أَفْعَلُ - قُلْتُ: وَكَانَتْ ليَالِيَ رَمَضَانَ -.

قَالَ: وَوجَّهَ المُعْتَصِمُ إِلَيَّ ابْنَ أَبِي دُوَادَ فِي اللَّيْلِ، فَقَالَ: يَقُوْلُ لَكَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ: مَا تَقُوْلُ؟

فَأَرُدُّ عَلَيْهِ نَحْواً مِمَّا كُنْتُ أَرُدُّ.

فَقَالَ ابْنُ أَبِي دُوَادَ: وَاللهِ


(١) الزيادة من " تاريخ الإسلام ".
(٢) وتمامه كما في " تاريخ الإسلام ": " ... فقال: ما أعرفك ".
(٣) في " تاريخ الإسلام ": " باسمه " بدل " به "
(٤) في " تاريخ الإسلام ": فسألته.