للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٩٢ - عَمْرُو بنُ اللَّيْثِ الصَّفَّارُ *

قِيْلَ: كَانَ ضرَّاباً فِي الصُّفْر.

وَقِيْلَ: بَلْ مكَارِي حمير، فَآل بِهِ الحَال إِلَى السّلطنَة.

تَمَلَّكَ بَعْد أَخِيْهِ، وَأَحسن السيَاسَة، وَعدلَ، وَعظُمَتْ دُوله، وَأَطَاع الخَلِيْفَةَ.

كَانَ يُنْفِقُ كُلّ ثَلاَثَة أَشْهُر فِي جَيْشِهِ، فَيحضر بِنَفْسِهِ عِنْد عَارض الجَيْش، وَالأَمْوَال كُدوس، فَأَوّلُ مَا يُنَادِي النَّقيب عَمْرو بن اللَّيْثِ، فيُقَدِّم فرسَه إِلَى العَارض بعدَّتهَا، فيتفقدهَا، ثُمَّ يزنُ لَهُ ثَلاَث مائَة دِرْهَمٍ، وَيضعُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فيضعهَا فِي خُفِّه، وَيَقُوْلُ: الْحَمد الله الَّذِي وَفَّقنِي لطَاعَةِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، حَتَّى اسْتوجَبْتُ العَطَاء.

فَيَكُوْن لمَنْ يقلِّعه خفّه.

ثُمَّ يُدعَى بَعْدَهُ بِالأُمَرَاء وَبِخُيُولِهِم وَعُددهم، فَمَنْ أَخلَّ بِشَيْءٍ، مُنع رِزْقُهُ (١) .

وَقِيْلَ: كَانَ فِي خدمَة زَوجته أَلف وَسَبْع مائَة جَارِيَة.

ثُمَّ بَغَى عَمْرٌو عَلَى وَالِي سَمَرْقَنْد إِسْمَاعِيْل بن أَحْمَدَ بنِ أَسَد، وَقصدهُ، فَخضع لَهُ، وَقَالَ: أَنَا فِي ثغرٍ قَدْ قَنعت بِهِ، وَأَنْت مَعَكَ الدُّنْيَا، فدعْنِي، فَمَا تَركه، فَبَادر إِسْمَاعِيْل فِي الشِّتَاء، وَدَهَمَ عَمْراً، فَخَارت قوَاهُ، وَشرع فِي الهَزِيْمَة، فَأَسروهُ.

قَالَ نِفْطَوَيْه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ: أَنَّ السَّبَب فِي انهزَام عَمْرٍو مِنْ بلْخ أَنَّ أَهلهَا مَلُّوا مِنْ جُنْده وَمِن ظلمهِم، وَأَقبلَ إِسْمَاعِيْلُ، فَأَخَذَ أَصْحَابُ عَمْروِ بن اللَّيْثِ فِي الهَزِيْمَة، فَرَكبَتْ عَسَاكِرُ إِسْمَاعِيْل ظهورَهُم، وَتَوَحَّلَتْ بِعَمْروٍ


(*) تاريخ الطبري: الجزء التاسع، الكامل لابن الأثير: الجزء السابع، وفيات الأعيان ٦ / ٤١٥، النجوم الزاهرة ٣ / ٤٠ وما بعدها.
(١) الخبر مطولا في " وفيات الأعيان " ٦ / ٤٢١.