للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَرَّ إِلَيْهِ غِلمَانُ العَسْكَرِ.

فَحَشَدَ لَهُ أَهْلُ البَصْرَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ مِنَ العَامِ، وَالْتَقَوا، فَهَزَمَهُم، وَقَتَلَ مِنْهُم مَقْتَلَةً، وَوَقَعَ رُعْبُهُ فِي النُّفُوْسِ، فَوَجَّهَ الخَلِيْفَةُ جَيْشاً، فَمَا نَفَعُوا.

ثمَّ أَوْقَعَ بِأَهْلِ الأُبُلَّةِ (١) فِي سَنَةِ سِتٍّ، وَأَحْرَقَهَا، فَسَلَّمَ أَهْلُ عَبَّادَانِ (٢) بِأَيدِيهِم، وَسَالَمُوهُ، فَأَخَذَ عَبِيْدَهُم وَسِلاَحَهُم.

ثمَّ أَخَذَ الأَهْوَازَ، فَخَافَهُ أَهْلُ البَصْرَةِ، وَانْجَفَلُوا، فَأَخَذَهَا بِالسَّيْفِ فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِيْنَ، وَقتَ صَلاَةِ الجُمُعَةِ، وَهَرَبَ جُنْدُهَا، فَأَحْرَقَ الجَامعَ بِمَنْ حَوَى، وَلَمْ تَزَلِ الحَرْبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المُوَفَّقِ سِجَالاً (٣) .

وَاسْتَبَاحَ وَاسِطَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، وَحَصَلَ لِلْخَبِيْثِ جَوَاهِرُ وَأَمْوَالٌ، فَاسْتَأْثَرَ بِهَا، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ المُتَقَشِّفُوْنَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَذَكَرُوا لَهُ سِيْرَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: لَيْسَ فِيْهِمَا قُدْوَةٌ.

وَادَّعَى أَنَّهُ هُوَ عَبْدُ اللهِ المَذْكُوْرِ فِي: {قُلْ أُوْحِيَ} [الجِنُّ: ١] وَزَعَم أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا يَمْتَازُ عَلَيْهِ إِلاَّ بِالنُّبُوَّةِ.

وَزَعَمَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي المَهْدِ، صِيْحَ بِهِ: يَا عَلِيُّ!

فَقَالَ: يَا لَبَّيْكَ.

وَكَانَ يَجْمَعُ اليَهُوْدَ وَالنَّصَارَى، يَسْأَلُهُم عَمَّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيْلِ مِنْ ذِكْرِهِ، وَهُم يَسْخَرُوْنَ مِنْهُ، وَيَقْرَؤُونَ لَهُ فُصُولاً، فَيَدَّعِي أَنَّهَا فِيْهِ. وَزَادَ مِنَ


(١) الابلة: بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة. وهي أقدم من البصرة (انظر ياقوت) .
(٢) عبادان، بفتح العين، وتشديد الباء المفتوحة: موضع تحت البصرة، قرب البحر الملح. (انظر ياقوت) .
(٣) في الأصل: " سجال ".