للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدُ الشُّعَرَاءِ وَالبُلَغَاءِ وَالأَجْوَادِ المُمَدَّحِينَ.

وَزَرَ للمُعْتَمِدِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، بَعْدَ الحَسَنِ بنِ مَخْلَدٍ (١) ، ثُمَّ عُزِلَ، ثُمَّ وَزَرَ، ثُمَّ عُزِلَ، ثُمَّ وَزَرَ ثَالِثاً عِنْدَ القَبْضِ عَلَى صَاعِدٍ الوَزِيْرِ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ.

وَكَانَ فِي رُتْبَةِ كِبَارِ المُلُوكِ، لَهُ رَاتِبٌ عَظِيْمٌ، فِي اليَوْمِ مائَةُ شَاةٍ، وَسَبْعُوْنَ جَدْياً، وَقنطَارُ حَلوَاءَ، وَلَمَّا وَلِيَ العَهْدَ المُعْتَضِدُ، قَبَضَ عَلَيْهِ وَعَذَّبَهُ، حَتَّى هَلَكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي طَاهِرٍ: وَقَعَ اخْتِيَارُ المُوَفَّقِ لِوَزَارَتِهِ عَلَى أَبِي الصَّقْرِ، فَاسْتَوْزَرَ رَجُلاً قَلَّمَا رُؤِيَ مِثلُهُ، كِفَايَةً لِلْمُهِمِّ، وَاسْتِقْلاَلاً بِالأُمُورِ، وَأَمْضَى لِلتَّدْبِيرِ فِي أَصَحِّ سُبُلِهِ، وَأَعْوَدِهَا بِالنَّفْعِ، وَأَحْوَطِهَا لأَعمَالِ السُّلْطَانِ، مَعَ رَفْعِ قَدْرِهِ للأَدَبِ وَأَهْلِهِ، وَبَذْلِهِ لَهُم الكَرَائِمَ، مَعَ الشَّجَاعَةِ، وَعُلُوِّ الهِمَّةِ، وَصِغَرِ الدُّنْيَا عِنْدَهُ، إِلاَّ مَا قَدَّمَهُ لِمَعَادِهِ، مَعَ سَعَةِ حِلْمِهِ وَكَظْمِهِ، وَإِفْضَالِهِ عَلَى مَنْ أَرَادَ تَلَفَ نَفْسِهِ.

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوخِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ الحَسَنِ قَالَ:

قَالَ أَبُو العَبَّاسِ بنُ الفُرَاتِ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ ابْنِ بُلبُلٍ، وَقَدْ جَلَسَ جُلُوْساً عَامّاً، فَدَخَلَ إِلَيْهِ المُتَظَلِّمُوْنَ، فَنَظَرَ فِي أَمُوْرِهِم، فَمَا انْصَرَفَ أَحَدٌ إِلاَّ بِصِلَةٍ، أَوْ وِلاَيَةٍ، أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ، أَوْ إِنصَافٍ، وَبَقِيَ رَجُلٌ فِي آخِرِ المَجْلِسِ يَسْأَلُهُ تَسْيِيبَ إِجَارَةِ قَرْيَتِهِ.

فَقَالَ: إِنَّ المُوَفَّقَ أَمَرَ أَنْ لاَ أُسَيِّبَ شَيْئاً إِلاَّ عَنْ أَمْرِهِ، فَسَأُخْبِرُهُ.

قَالَ: فَرَاجَعَنَا الرَّجُلُ، وَقَالَ: مَتَى أَخَّرَنِي الوَزِيْرُ فَسَدَ حَالِي.

فَقَالَ لِكَاتِبِهِ: اكْتُبْ حَاجَتَهُ فِي التَّذْكِرَةِ.

فولَّى الرَّجُلُ غَيْرَ


(١) تقدمت ترجمته في الصفحة: (٧) ، برقم: (٤) .