للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ عَمِل الوِزَارَة لأَبِي العَبَّاسِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخلف، فَوجَدَه فَوْقَ مَا فِي النَّفْس، فَرَدَّ أَعباءَ الأُمُور إِلَيْهِ، وَبلغ مِنَ الرُّتْبَة مَا لَمْ يَبْلُغْهُ وَزِيْرٌ، وَكَانَ عَديم النَّظير فِي السِّيَاسَة وَالتَّدْبِيْر وَالإِعتنَاء بِالصَّديق.

اخْتَفَى مَرَّة عِنْد تَاجر، فَلَمَّا وَزَرَ، وَصَلَه فِي يَوْمٍ بِمائَة أَلف دِيْنَار مِن غَلَّةٍ عَظِيْمَةٍ بَاعَه إِيَّاهَا بِرُخْص، فَربح فِيْهَا مائَة أَلْف دِيْنَار (١) .

وَقَدْ علَّم لإِسْمَاعِيْل القَاضِي فِي سَاعَةٍ عَلَى سِتِّيْنَ قِصَّةً.

وَكَانَ مَوْلِدُهُ: سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

وَعِنْد دَفْنه، قَالَ ابْنُ المُعْتَزّ:

هَذَا أَبُو القَاسِمِ فِي لَحْدِهِ ... قِفُوا انْظُرُوا كَيْفَ تَزُوْلُ الجِبَال (٢)

وَقَالَ أَيْضاً فِيْهِ:

وَمَا كَانَ رِيْحُ المِسْكِ رِيْح حَنُوطه ... وَلَكِنَّهُ هَذَا الثَّنَاءُ المُخَلَّفُ

وَلَيْسَ صَرِيْرَ النَّعْشِ مَا تَسْمَعُوْنَهُ ... وَلَكِنَّهُ أَصْلاَبُ قَوْمٍ تَقَصَّفُ (٣)


(١) انظر تفصيل الخبر في " فوات الوفيات ": ٢ / ٤٣٥.
(٢) ديوان ابن المعتز: ٣٤٤، (ط.
الشركة اللبنانية للكتاب - بيروت - ١٩٦٩) ، ورواية البيت فيه: هذا أبو القاسم في نعشه * قوموا انظروا كيف تسير الجبال وهو ضمن مقطوعة من ثلاثة أبيات.
(٣) وكذلك نسبهما لابن المعتز الكتبي في فوات الوفيات: ٢ / ٤٣٤، ولم نجدهما في المطبوع من ديوان ابن المعتز السابق الذكر.
وهما منسوبان للعطوي في أمالي الزجاجي: ٨٥ - ٨٦، والمنصف في شعر المتنبي لابن وكيع (طبع دار قتيبة) ، وهما في مجموع شعره (قسم الشعر المنسوب) : ٩١. وهما كذلك في أمالي القالي: ١ / ١١٢، لمجهول، قال: " مات رجل كان يقود اثني عشر ألف إنسان، فلما حمل على النعش صر على أعناق الرجال فقال رجل في الجنازة ... ".
والعطوي هو: أبو عبد الرحمن محمد بن عطية، ولد ونشأ بالبصرة، ثم انتقل إلى =