للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ فِعْلنَا، وَأَفعَالُنَا مَخْلُوْقَةٌ، وَلَوْ أَنَّا كلَّمَا أَخْطَأَ إِمَامٌ فِي اجْتِهَادِهِ فِي آحَادِ المَسَائِلِ خَطَأً مَغْفُوراً لَهُ، قُمْنَا عَلَيْهِ، وَبدَّعْنَاهُ، وَهَجَرْنَاهُ، لَمَا سَلِمَ مَعَنَا لاَ ابْنَ نَصْرٍ، وَلاَ ابْنَ مَنْدَةَ، وَلاَ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُمَا، وَاللهُ هُوَ هَادِي الخَلْقِ إِلَى الحَقِّ، وَهُوَ أَرحمُ الرَّاحمِينَ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهوَى وَالفظَاظَةِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ فِي بَعْضِ توَالِيفِهِ: أَعْلَمُ النَّاسِ مَنْ كَانَ أَجْمَعهُم للسُّنَنِ، وَأَضْبَطهُم لَهَا، وَأَذْكَرهُمُ لِمَعَانِيهَا، وَأَدرَاهُمُ بِصِحَّتِهَا، وَبِمَا أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ مِمَّا اخْتَلفُوا فِيْهِ.

قَالَ: وَمَا نَعْلَمُ هَذِهِ الصِّفَةَ - بَعْد الصَّحَابَةِ - أَتمَّ مِنْهَا فِي مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ المَرْوَزِيّ، فَلَو قَالَ قَائِل: لَيْسَ لِرَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيْثٌ وَلاَ لأَصْحَابِهِ إِلاَّ وَهُوَ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ نَصْرٍ لَمَا أَبْعَدَ عَنِ الصِّدْقِ.

قُلْتُ: هَذِهِ السَّعَةُ وَالإِحَاطَةُ مَا ادَّعَاهَا ابْنُ حَزْمٍ لابْنِ نَصْرٍ إِلاَّ بَعْدَ إِمعَانِ النَّظَرِ فِي جَمَاعَةِ تَصَانِيْفَ لابْنِ نَصْرٍ، وَيمْكِن ادِّعَاءُ ذَلِكَ لِمِثْلِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ وَنُظَرَائِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

١٤ - النَّاشِي الكَبِيْرُ عَبْدُ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيُّ *

العَلاَّمَةُ، أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ شِرْشِيْر الأَنْبَارِيُّ، المُلَقَّب: بِالنَّاشِي (١) .


(*) تاريخ بغداد: ١٠ / ٩٣ ٩٢، الأنساب: ٥٥١ / ب، المنتظم: ٦ / ٥٨ ٥٧، إنباه الرواة: ٢ / ١٢٩ ١٢٨، وفيات الأعيان: ٣ / ٩٣ ٩١، العبر: ٢ / ٩٥، البداية والنهاية: ١١ / ١٠١، طبقات المعتزلة لابن المرتضى: ٩٣ ٨٢، النجوم الزاهرة: ٣ / ١٥٩ ١٥٨، حسن المحاضرة: ١ / ٥٥٩، شذرات الذهب: ٢ / ٢١٥ ٢١٤.
(١) بفتح النون، وبعد الالف شين معجمة وياء: لقب غلب عليه. وشرشير بكسر الشين الأولى والثانية المعجمتين، وبينهما راء ساكنة. وشرشير: اسم طائر يصل إلى الديار =