للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَنْكِحُوا المُشْركَاتِ غَيْرَ الكتَابيَّات مِنْ قَبْلِكُم حَتَّى يُؤمِنّ.

قَالَ: وَمَنْ هنَّ المحصَنَات؟

قُلْتُ: العفَائِف.

قَالَ: بَلِ المتزوِّجَات.

قُلْتُ: الإِحصَانُ فِي اللُّغَة: الإِحرَاز، فَمَنْ أَحرزَ شَيْئاً فَقَدْ أَحصَنَهُ، وَالعِتْقُ يُحَصِّنُ المَمْلُوْكَ لأَنَّه يحرزُهُ عَنْ أَنْ يجرِيَ عَلَيْهِ مَا عَلَى المَمَالِيْك، وَالتّزويجُ يحصِنُ الفرجَ لأَنَّهُ أَحرزَهُ عَنْ أَنْ يَكُوْنَ مبَاحاً، وَالعفَافُ إِحْصَانٌ لِلْفَرْج.

قَالَ: مَا عِنْدِي الإِحصَان إِلاَّ التَّزْوِيج.

قُلْتُ لَهُ: مُنْزِلُ القُرْآنِ يَأْبَى ذَلِكَ، قَالَ: {وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} [التّحريم:١٢] أَي أَعَفَّتْه، وَقَالَ: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} [النِّسَاء:٢٥] عفَائِف.

قَالَ: فَقَدْ قَالَ فِي الإِمَاء: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النِّسَاء:٢٥] وَهنَّ عِنْدَكَ قَدْ يكنَّ عفَائِف.

قُلْتُ: سَمَّاهُنَّ بِمتقدِّم إِحصَانِهِنَّ قَبْل زِنَاهُنَّ، قَالَ تَعَالَى: {وَلكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُم} [النِّسَاء:١٢] .

وَقَدِ انْقَطَعتِ العِصْمَةُ بِالمَوْت، يُرِيْدُ اللاَتِي كُنَّ أَزواجَكُم.

قَالَ: يَا شَيْخ! أَنْتَ تَلُوذ.

قُلْتُ: لَسْتُ أَلوذ، أَنَا المُجِيْب لَكَ، وَأَنْت الَّذِي تلوذُ بِمسأَلَة أُخْرَى، وَصِحْتُ أَلاَ أَحَدٌ يَكْتُبُ مَا أَقُولُ وَتَقُولُ.

قَالَ: فوقَى الله شرَّه.

وَقَالَ: كَأَنَّك تَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاس.

قُلْتُ: أَمَّا بِدينِي فَنَعم.

قَالَ: فَمَا تحتَاجُ إِلَى زِيَادَةٍ فِيْهِ؟

قُلْتُ: لاَ.

قَالَ: فَأَنْتَ إِذاً أَعْلَمُ مِنْ مُوْسَى إِذْ يَقُوْلُ: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي} [الْكَهْف:٦٦] قَالَ: هَذَا طعنٌ عَلَى نُبُوَّة مُوْسَى، مُوْسَى مَا كَانَ محتَاجاً إِلَيْهِ فِي دِيْنِهِ، كلاَّ، إِنَّمَا كَانَ العِلْم الَّذِي عِنْد الخَضِرِ دُنْيَاويّاً: سَفِيْنَةً خَرَقَهَا، وَغُلاَماً قَتَلَهُ، وَجِدَاراً أَقَامَهُ، وَذَلِكَ كُلُّه لاَ يَزِيْدُ فِي دِين مُوْسَى.

قَالَ: فَأَنَا أَسأَلُكَ.

قُلْتُ: أَوْرِدْ وَعلِيَّ الإِصدَارُ بِالْحَقِّ بِلاَ مَثْنَوِيَّة (١) .

قَالَ: مَا تَفْسِيْرُ الله؟

قُلْتُ: ذُو الإِلهيَّة.

قَالَ: وَمَا هِيَ؟

قُلْتُ: الرُّبوبيَّة.

قَالَ: وَمَا الرُّبوبيَّة؟

قُلْتُ: المَالِكُ الأَشيَاء كُلّهَا.


(١) أي: بلا استثناء.