للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيضربُوا القُرْعَة، فَمَنْ خَرجتْ عَلَيْهِ القُرعَةُ سَأَلَ لأَصْحَابِهِ الطَّعَام، فَخَرَجت القرعَة عَلَى ابْنِ خُزَيْمَة، فَقَالَ لأَصْحَابِهِ: أَمْهِلونِي حَتَّى أُصَلِّي صَلاَة الخِيرَة.

قَالَ: فَاندفعَ فِي الصَّلاَةِ، فَإِذَا هُم بِالشُّموع وَخَصِيٍّ مِنْ قَبْل وَالِي مِصْر يَدَقُّ البَاب، فَفَتَحُوا، فَقَالَ: أَيُّكُم مُحَمَّدُ بنُ نَصْرٍ؟

فَقِيْلَ: هُوَ ذَا.

فَأَخْرَجَ صرَّةً فِيْهَا خَمْسُوْنَ دِيْنَاراً، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَيُّكُم مُحَمَّدُ بنُ جَرِيْرٍ؟

فَأَعطَاهُ خَمْسِيْنَ دِيْنَاراً، وَكَذَلِكَ للرُّويَانِي، وَابْن خُزَيْمَةَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الأَمِيْرَ كَانَ قَائِلاً (١) بِالأَمس، فَرَأَى فِي المَنَامِ أَنَّ المَحَامِدَ جِيَاعٌ قَدْ طَوَوْا كَشْحَهُم، فَأَنفذَ إِلَيْكُم هَذِهِ الصُّرَر، وَأَقسمَ عَلَيْكُم: إِذَا نفدَتْ، فَابْعَثُوا إِلَيَّ أَحَدَكُم (٢) .

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الفرغَانِيُّ (٣) فِي (ذيل تَارِيْخه) عَلَى (تَارِيْخ الطَّبَرِي) ، قَالَ:

حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ لَمَّا دَخَلَ بَغْدَاد، وَكَانَتْ مَعَهُ بِضَاعَةٌ يتقوَّتُ مِنْهَا، فَسرقت فَأَفضَى بِهِ الحَالُ إِلَى بيعِ ثِيَابِهِ وَكُمَّي قَمِيصِهِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصدقَائِه: تنشَطُ لتَأَدِيْب بَعْضِ وَلد الوَزِيْر أَبِي الحَسَنِ عبيد اللهِ بنِ يَحْيَى بنِ خَاقَان؟

قَالَ: نَعَمْ.

فَمَضَى الرَّجُل، فَأَحكَمَ لَهُ أَمره، وَعَاد فَأَوصَلَه إِلَى الوَزِيْرِ بَعْدَ أَنْ أَعَاره مَا يلبَسُهُ، فَقرَّبه الوَزِيْر وَرفعَ مَجْلِسه، وَأَجرَى عَلَيْهِ عَشْرَة دَنَانِيْر فِي الشَّهْرِ، فَاشترطَ عَلَيْهِ أَوقَاتَ طلبه لِلْعِلم وَالصَّلوَات وَالرَّاحَة، وَسأَل إِسلافَهُ رِزْقَ شَهْر، فَفَعَل، وَأدخل فِي


(١) أي: نائما في القائلة: وهي نصف النهار. وفعله: قال يقيل.
(٢) الخبر في " تاريخ بغداد " ٢ / ١٦٥ ١٦٤، و" معجم الأدباء " ١٨ / ٤٧ ٤٦ وما بين حاصرتين منهما، وسيكرر المؤلف هذه القصة في ترجمة محمد بن هارون الروياني ص ٥٠٨ من هذا الجزء.
(٣) هو عبد الله بن أحمد بن جعفر الفرغاني، حدث بدمشق عن ابن جرير وغيره، وتوفي في جمادى الأولى سنة ٣٦٢ هـ وسترد ترجمته في الجزء السادس عشر من هذا الكتاب.