للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَعْفَرٍ البَزَّازَ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ اليَاقوتِيَّ يَقُوْلُ:

رَأَيْتُ الحَلاَّجَ عِنْد الجِسْرِ عَلَى بقرَةٍ، وَوجهُهُ إِلَى ذَنَبِهَا، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا أَنَا الحَلاَّجُ، أَلقَى الحَلاَّجُ شَبَهَهُ عَلَيَّ وَغَابَ.

فَلَمَّا أُدنِيَ مِنَ الخشبَةِ التِي يُصلَبُ عَلَيْهَا، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ:

يَا مُعِيْنَ الضَّنَّا عَلَيَّ أَعنِي عَلَى الضَّنَّا ...

قَالَ أَبُو الحُسَيْنِ بنُ سَالِمٍ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سَهْلِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَبِيَدِهِ محبرَةٌ وَكِتَابٌ، فَقَالَ لسهلٍ: أَحْبَبْتُ أَنْ أَكتبَ شَيْئاً ينفعُنِي اللهُ بِهِ.

فَقَالَ: اكتبْ: إِنِ اسْتطعتَ أَنْ تلقَى اللهَ وَبيدكَ المحبرَةُ، فَافعلْ.

فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! فَائِدَةٌ.

فَقَالَ: الدُّنْيَا كُلُّهَا جهلٌ، إِلاَّ مَا كَانَ عِلْماً، وَالعِلْمُ كُلُّه حُجَّةٌ، إِلاَّ مَا كَانَ عَمَلاً، وَالعَملُ مَوْقُوْفٌ، إِلاَّ مَا كَانَ عَلَى السُّنَّةِ، وَتقومُ السُّنَّةُ علَى التَّقْوَى.

وَعَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ المُرْتَعِشِ، قَالَ: مَنْ رَأَيْتهُ يَدَّعِي حَالاً مَعَ اللهِ باطنَةً، لاَ يَدُلُّ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْهَدُ لَهَا حِفظٌ ظَاهِرٌ، فَاتَّهِمْهُ عَلَى دِيْنِهِ.

قِيْلَ: إِنَّ الحَلاَّجَ كَتَبَ مَرَّةً إِلَى أَبِي العَبَّاسِ بنِ عَطَاءٍ:

كَتَبْتُ وَلَمْ أَكْتُبْ إِلَيْكَ وَإِنَّمَا ... كَتَبْتُ إِلَى رُوْحِي بِغَيْرِ كِتَابِ

وَذَاكَ لأَنَّ الرُّوحَ لاَ فَرْقَ بَيْنَهَا ... وَبَيْنَ مُحبِّيهَا بِفصلِ خِطَابِ

فُكُلُّ كِتَابٍ صَادرٍ مِنْكَ وَاردٍ ... إِلَيْكَ بِلاَ رَدِّ الجَوَابِ جَوَابِي (١)

وَقَدْ ذَكَرَ الحَلاَّجَ أَبُو سَعِيْدٍ النَّقَّاشُ فِي (طَبَقَاتِ الصُّوْفِيَّةِ) لَهُ، فَقَالَ: مِنْهُم مَنْ نَسَبَه إِلَى الزَّنْدَقَةِ، وَمِنْهُم مِنْ نَسَبهُ إِلَى السِّحرِ وَالشَّعْوذَةِ.


(١) " ديوان الحلاج " ص ٤٢، و" تاريخ بغداد " ٨ / ١١٥، و" أخبار الحلاج " ص ١١٩ - ١٢٠.