للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ طَلَبْتَ الخَلاَصَ مِنْهُ فَلَمْ ... تَقْدِرْ عَلَى حِيْلَةٍ وَلَمْ تَجِدِ

فَجُدْتَ بِالنَّفْسِ وَالبَخِيْلَ بِهَا ... كُنْتَ، وَمَنْ لَمْ يَجُدْ بِهَا يَجِدِ

فَمَا سَمِعْنَا بِمِثْلِ مَوْتِكَ إِذْ ... مُتَّ وَلاَ مِثْلِ حَالِكَ النَّكِدِ

عِشْتَ حَرِيْصاً يَقُودُهُ طَمَعٌ ... وَمُتَّ ذَا قَاتِلٍ بِلاَ قَوَدِ

يَا مَنْ لَذِيْذُ الفِرَاخِ أَوْقَعَهُ ... وَيْحَكَ! هَلاَّ قَنِعْتَ بِالغُدَدِ

أَلمْ تَخَفْ وَثْبَةَ الزَّمَانِ وَقَدْ ... وَثَبْتَ فِي البُرْجِ وَثْبَةَ الأَسَدِ

عَاقِبَةُ البَغْيِ (١) لاَ تَنَامُ وَإِنْ ... تَأَخَّرَتْ مُدَّةً مِنَ المُدَدِ

أَرَدْتَ أَنْ تَأَكُلَ الفِرَاخَ وَلاَ ... يَأْكُلُكَ الدَّهْرُ أَكْلَ مُضْطَهِدِ (٢)

هَذَا بَعِيدٌ مِنَ القِيَاسِ وَمَا ... أَعَزَّهُ فِي الدُّنُوِّ وَالبُعُدِ

لاَ بَارَكَ اللهُ فِي الطَّعَامِ إِذَا ... كَانَ هَلاَكُ النُّفُوْسِ فِي المِعَدِ

كَمْ دَخَلَتْ لُقْمَةٌ حَشَا شَرِهٍ ... فَأَخْرَجَتْ رُوْحَهُ مِنَ الجَسَدِ

مَا كَانَ أَغْنَاكَ عَنْ تَسَلُّقِكَ الـ ... ـبُرْجَ وَلَوْ كَانَ جَنَّةَ الخُلْدِ

قَدْ كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ وَفِي دَعَةٍ ... مِنَ العَزِيْزِ المُهَيْمِنِ الصَّمَدِ

تَأْكُلُ مِنْ فَأْرِ دَارِنَا رَغَداً ... أَكْلَ جُزَافٍ نَامٍ بِلاَ عَدَدِ (٣)

وَكُنْتَ بَدَّدْتَ شَمْلَهُم زَمَناً ... فَاجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ البَدَدِ

وَلَمْ يُبْقُوا لَنَا عَلَى سَبَدٍ ... فِي جَوْفِ أَبْيَاتِنَا وَلاَ لَبِدِ

وَفَرَّغُوا قَعْرَهَا وَمَا تَرَكُوا ... مَا عَلَّقَتْهُ يَدٌ عَلَى وَتِدِ

وَفَتَّتُوا الخُبْزَ فِي السِّلاَلِ فَكَمْ ... تَفَتَّتْ لِلْعِيَالِ مِنْ كَبِدِ

وَمَزَّقُوا مِنْ ثِيَابِنَا جُدُداً ... فَكُلُّنَا فِي مَصَائِبٍ جُدُدِ


(١) في " الوافي بالوفيات ": الظلم.
(٢) في " نكت الهميان ": مصطيد.
(٣) ورد هذا البيت في " الوافي بالوفيات " كما يلي: تأكل من فأر بيتنا رغدا * وأين بالشاكرين للرغد