للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْهُ وَنَازلُوا مَدِيْنَة سوسَة فَبرز المَنْصُوْر مِنَ المهديَّة وَالتَقَوا فَانكسر جَيْش مَخْلَد عَلَى كَثْرَتهمْ (١) وَأُسر هُوَ فِي سَنَةِ ٣٣٦، فَمَاتَ بَعْدَ الأَسر بِأَرْبَعَة أَيَّام مِنَ الجرَاح فَسلخَ وَحشِي قطناً وَصلب (٢) .

وبنُوا مَدِيْنَة المَنْصُوْريَّة مَكَان الوقعَة فنزلهَا المَنْصُوْر (٣) .

وَكَانَ بَطَلاً شُجَاعاً رَابط الجأْش فَصِيْحاً مُفَوَّهاً يرتجل الْخطب (٤) وَفِيْهِ إِسْلاَم فِي الجُمْلَةِ وَعقلٌ بِخِلاَف أَبِيْهِ الزِنْدِيْق.

وَقَدْ جمع فِي قصره مرَّة مِنْ أَوْلاَد جُنْده وَرعيته عَشْرَة آلاَف صَبِيّ وَكسَاهُم كسوَة فَاخرَة وَعمل لَهُم وَليمَة لَمْ يُسْمَعْ قَطُّ بِمثلهَا وَختنهُم جَمِيْعاً وَكَانَ يهب لِلْوَاحِد مِنْهُم المائَة دِيْنَارٍ وَالخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً عَلَى أَقدَارهم.

وَمِنْ محَاسنه أَنَّهُ وَلَّى مُحَمَّد بن أَبِي الْمَنْظُور (٥) الأَنْصَارِيّ قَضَاء القَيْرَوَان وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَاب الحَدِيْث قَدْ لقِي إِسْمَاعِيْل القَاضِي، وَالحَارِث بن أَبِي أُسَامَةَ فَقَالَ بِشَرْط أَنْ لاَ آخذ رزقاً وَلاَ أَركب دَابَّة (٦) فولاَهُ ليتَأَلف الرَّعِيَّة فَأَحضر إِلَيْهِ يهودِي قَدْ سبّ (٧) فَبطحه وَضَربه إِلَى أَنْ


(١) " الكامل ": ٨ / ٤٣٤ - ٤٣٥.
(٢) " البيان المغرب ": ١ / ٢١٩ - ٢٢٠.
(٣) انظر " البيان المغرب ": ١ / ٢١٩.
و" معجم البلدان ": ٣ / ٣٩١ - ٣٩٢.
(٤) " وفيات الأعيان ": ١ / ٢٣٥.
(٥) في " معالم الايمان ": ٣ / ٥٤ " ابن أبي المنصور ". كان - رحمه الله - عالما بأصول الفقه، فاضلا صالحا، لا تأخذه في الله لومة لائم. توفي سنة / ٣٣٧ / وقد نيف على التسعين.
انظر " قضاة الأندلس وعلماء أفريقية ": ٢٢٧ و" معالم الايمان ": ٣ / ٥٤ - ٥٧.
(٦) في " معالم الايمان ": ٣ / ٥٥ " فاشترط عليه أن لا يأخذ صلة، ولا يركب لهم دابة، ولا يقبل شهادة من طاف بهم أو قاربهم، ولا يركب إليهم مهنيا ولا معزيا ".
(٧) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -