للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِليَاس (١) ، وَصَلُحَتْ سِيرتهِ، وَأَعتقَ أَكْثَرَ مَمَالِيْكه.

وفِي هَذَا الْقرب تمت مَلْحَمَة عَظِيْمَةٌ بَيْنَ ملكِ التُّرْكِ طُغَان بِالمُسْلِمِيْنَ، وَبَيْنَ عَسَاكِرِ الصين، فَدَامت الحَرْبُ أَيَّاماً، وَقُتِلَ مِنْ كُفَّار الصين نَحْوٌ مِنْ مائَةِ أَلْف (٢) .

وَفِي سَنَةِ خَمْس ظَفِرَ الحَاكِمُ بنسَاءٍ عَلَى فسَادٍ، فَغَرّقَهُنَّ، وَكَانَتِ الغَاسِلَة لاَ تخرجُ إِلَى امْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ عَدلين.

وَمَرَّ القَاضِي مَالِكُ بنُ سَعِيْدٍ الفَارقِي، فَنَادته صبية مِنْ رَوْزَنَةٍ (٣) :أَقْسَمت عَلَيْك بِالحَاكِمِ أَنْ تَقِفَ، فَوَقَفَ فَبكَتْ، وَقَالَتْ:

لِي أَخٌ يموتُ، فَبِاللهِ إِلاَّ مَا حَمَلْتَنِي إِلَيْهِ لأَرَاهُ، فَرَقَّ، وَبَعَثَ مَعَهَا عَدْلَين، فَأَتَتْ بيْتاً، فَدَخَلَتْ، وَالبَيْت لعَاشِقِهَا.

فَجَاءَ الزَّوجُ فسَأَلَ الجِيرَان، فَحَدَّثوهُ، فَجَاءَ إِلَى القَاضِي، وَصَاح، وَقَالَ:

لاَ أَخَ لَهَا، وَمَا أُفَارقُك حَتَّى تردهَا إِلَيَّ (٤) ، فَحَار القَاضِي، وَطَلَعَ بِالرَّجُل إِلَى الحَاكِم، وَنَادَى العفْوَ فَأَمَرَه أَنْ يَرْكَبَ مَعَ الشَّاهدَيْن، فَوَجَدُوا المَرْأَةَ وَالشَّابَّ فِي إِزَارٍ وَاحِد عَلَى خُمَار (٥) فَحُمِلا عَلَى هيئتِهِمَا.

فسأَلهَا الحَاكِمُ فَأَحَالتْ عَلَى الشَّابِّ، وَقَالَ: بَلْ هَجَمَتْ عَلِيَّ، وَزَعَمَتْ أَنَّهَا بِلاَ زوجٍ.

فلُفَّتْ فِي بارِيَّةٍ (٦) ، وَأُحْرِقَتْ، وضُرِبَ الشَّابُّ أَلفَ سَوط (٧) .

وولِي دِمَشْقَ لِلْحَاكُم عِدَّةُ أُمرَاء مَا كَانَ يَدَع النَّائِب يَسْتَقر حَتَّى يَعْزِله.


(١) " اتعاظ الحنفا ": ٣١١.
(٢) " الكامل ": ٩ / ٢٩٧.
(٣) الكوة.
(٤) زيادة من " المنتظم ": ٧ / ٢٦٩.
(٥) الخمار - بضم الخاء - من الخمر: ما يصيب شاربها من ألمها وصداعها.
(٦) حصير منسوج من قصب، فارسية معربة.
(٧) " المنتظم ": ٧ / ٢٦٨ - ٢٧٠.