للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ، قُطِعَتْ مِنْ مَكَّة الدعوةُ المستنصريَّة، وَخُطب لِلْقَائِم بِأَمر الله، وَتُرِكَ الأَذَانُ بحِي عَلَى خَيْرِ العَمَل (١) ، وَذَلِكَ لذلَّة المِصْرِيين بِالقَحط الأَكْبر وَفنَائِهِم، وَأَكَلَ بَعْضُهم بَعْضاً، وَتمزَّقُوا فِي البِلاَد مِنَ الْجُوع، وَتمحَّقَتْ خزَائِنُ المُسْتَنْصِر، وَافتقرَ، وَتعثَّر (٢) .

وفِي هَذِهِ النوبَة نقل صَاحِبُ (الْمرْآة (٣)) ، أَنَّ امْرَأَة خَرَجَتْ وَبيدهَا مُدُّ لُؤْلُؤ لتشتريَ بِهِ مُدُّ قمحٍ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا أَحَدٌ، فَرَمَتْهُ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ يَلْتَقِطُه (٤) .

فَكَادَ الخرَابُ أَنْ يَسْتَولِي عَلَى سَائِر الأَقَالِيْم، حَتَّى لأُبيع الكَلْبُ بستةِ دَنَانِيْر وَالقط بِثَلاثَةِ دَنَانِيْر، حَتَّى أُبيع الإِردبّ بِمائَة دِيْنَار (٥) .

وَفِي سَنَةِ ٦٣ هَزَمَ السُّلْطَان أَلْب أَرْسَلان طَاغيَةَ الرُّوْم وَأَسَرَه، وَقُتِلَ مِنَ العَدُوِّ سِتُّوْنَ أَلْفاً (٦) .

وَأَقبلَ أَتسز (٧) الخوَارزْميُّ، أَحَدُ أُمرَاء أَلب أَرْسَلان، فَاسْتولَى عَلَى الشَّامِ إِلاَّ قَلِيْلاً، وَعَسَف وَتمرَّد وَعَتا (٨) .

واشْتَغَل جَيْشُ مِصْر بنفُوسهم. ثُمَّ اختلفُوا، وَاقْتَتَلُوا مُدَّةً، وَصَارُوا


(١) " الكامل ": ١٠ / ٦١.
(٢) " الكامل ": ١٠ / ٦١ - ٦٢.
(٣) هو يوسف بن قزغلي، أبو المظفر، سبط ابن الجوزي، مؤرخ من الكتاب، ولد ونشأ ببغداد، ورباه جده، وانتقل إلى دمشق، فاستوطنها، وتوفي فيها سنة / ٦٥٤ / هـ من كتبه " مرآة الزمان في تاريخ الأعيان " صور منه المجلد الثامن، وهو آخر الكتاب.
(٤) " النجوم الزاهرة ": ٥ / ١٧.
(٥) " النجوم الزاهرة ": ٥ / ١٦ والاردب كيل كبير يستعمل لتقدير الحبوب، ويزن مئة وخمسين كيلو غرام.
(٦) " المنتظم ": ٨ / ٢٦٠ - ٢٦٥.
(٧) في الأصل: أطسز، والصواب ما أثبتناه كما سيذكره المصنف في الصفحة ١٩٣.
(٨) " ذيل تاريخ دمشق ": ٩٨ - ٩٩.