للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المُعِزّ بن بَادِيس مَعَ أُمّه صَبِيّاً.

فتزوَّج العَادلُ بِهَا قَبْلَ الوَزَارَة، فتزوَّج عَبَّاسٌ، وَوُلِدَ لَهُ نَصْرٌ، فَأَحَبّهُ العَادلُ، ثُمَّ جَهَّز أَبَاهُ لِلْغَزْوِ، فَلَمَّا نزل بِبِلْبِيس، ذَاكره ابْنُ مُنْقِذ (١) ، وَكَرِهَا البيكَارَ (٢) ، فَاتَّفَقَا عَلَى قَتْلِ العَادِلِ، وَأَن يَأْخذَ عَبَّاس مَنصبَه.

فَذَبَح نَصْرٌ العَادلَ عَلَى فِرَاشِهِ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ٥٤٨، وَتَمَلَّكَ عَبَّاس وَتَمَكَّنَ (٣) .

وَكَانَ ابْنُهُ نَصْرٌ مِنَ المِلاَح، فَمَالَ إِلَيْهِ الظَّافر وَأَحَبَّهُ، فَاتَّفَقَ هُوَ وَأَبُوْهُ عَبَّاس عَلَى الفَتْكِ بِالظَّافر (٤) .

فدَعَاهُ نصرٌ إِلَى دَارِهِم ليَأْتِي متخفياً، فَجَاءَ إِلَى الدَّار الَّتِي هِيَ اليَوْم المَدْرَسَة السُّيوفيَة.

فشدَّ نَصْرٌ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ وَطَمَرَهُ فِي الدَّار.

وَذَلِكَ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْس مائَة.

فَقِيْلَ: كَانَ فِي نِصْفه (٥) ، وَعَاشَ الظَّافر اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً.

ثمَّ رَكِبَ عَبَّاس مِنَ الغَدِ وَأَتَى الْقصر.

وَقَالَ: أَيْنَ مولاَنَا؟

فَطَلبوهُ فَفَقدُوهُ.

وَخَرَجَ جِبْرِيْلُ وَيُوْسُف أَخوا الظَّافر، فَقَالَ: أَيْنَ مولاَنَا؟

قَالاَ: سل ابْنَكَ، فَغَضِبَ.

وَقَالَ: أَنْتُمَا قَتَلْتُمَاهُ، وَضَرَبَ رِقَابَهُمَا فِي الحَالِ (٦) .


(١) أسامة بن منقذ الكناني، أمير، من أكابر بني منقذ أصحاب قلعة شيزر (قرب حماه) ومن العلماء الشجعان، له تصانيف في الأدب والتاريخ. ومن أمتع كتبه " الاعتبار " نحا فيه منحى السيرة الذاتية. توفي سنة / ٥٨٤ / هـ بدمشق.
له ترجمة في " معجم الأدباء " ٥ / ١٨٨ - ٢٤٥، و" وفيات الأعيان ": ١ / ١٩٥ - ١٩٩، وسترد ترجمته عند المؤلف.
(٢) الحرب.
وتأتي بمعنى: ميدان الحرب.
(٣) " وفيات الأعيان ": ٣ / ٤١٧ - ٤١٨.
وقد ذكر أسامة بن منقذ خبر قتل العادل، وأنه كان بالاتفاق مع الظافر انظر " الاعتبار " ١٨.
(٤) يذكر أسامة بن منقذ أن الظافر حمل نصرا على قتل أبيه، فاطلع والده على الامر فلاطفه واستماله وقرر معه قتل الظافر.
انظر الاعتبار: ١٩ - ٢٠.
(٥) " وفيات الأعيان ": ١ / ٢٣٧.
(٦) المصدر السابق.