للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِبَنِي العَبَّاسِ، وَاسْتَأْصَلَ شَأْفَةَ بنِي عُبَيْد، وَمَحَقَ دَوْلَةَ الرَّفضِ.

وَكَانُوا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَتخلِّفاً لاَ خَلِيْفَةً، وَالعَاضِدُ فِي اللُّغَةِ أَيْضاً القَاطعُ، فَكَانَ هَذَا عَاضداً لدولَةِ أَهْل بَيْته.

قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: أَخْبَرَنِي عَالِمٌ أَنَّ العَاضِدَ رَأَى فِي نَومه كَأَنَّ عقرباً خَرَجَتْ إِلَيْهِ مِنْ مَسْجِد عُرِفَ بِهَا فَلَدَغَتْه، فَلَمَّا اسْتيقظَ طَلب مُعبِّراً فَقَالَ: ينَالُكَ مكروهُ مِنْ (١) رَجُلٍ مُقِيْمٍ بِالمَسْجَد، فسَأَلَ عَنِ المَسْجَدِ، وَقَالَ لِلْوَالِي عَنْهُ، فَأُتِي بفقيرٍ، فَسَأَلَهَ: مِنْ أَيْنَ هُوَ؟ وَفيمَا قَدِمَ؟ فَرَأَى مِنْهُ صِدْقاً وَديناً.

فَقَالَ: ادْعُ لَنَا يَا شَيْخ، وَخلَّى سَبِيلَهُ، وَرَجَعَ إِلَى المَسْجَدِ، فَلَمَّا غَلَبَ صلاَحُ الدِّين عَلَى مِصْرَ، عَزَمَ عَلَى خَلْعِ العَاضدِ.

فَقَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: اسْتفتَى الفُقَهَاء، فَأَفتُوا بجَوَاز خَلْعِهِ لِمَا هُوَ مِنِ انحلاَلِ العقيدَةِ وَالاستِهْتَارِ، فَكَانَ أَكْثَرهُم مبَالغَةً فِي الفُتْيَا ذَاكَ، وَهُوَ الشَّيْخُ نجم الدِّينِ الخُبُوشَانِيُّ (٢) ، فَإِنَّهُ عدَّد مسَاوِئ هَؤُلاَءِ، وَسَلَب عَنْهُم الإِيْمَان (٣) .

قَالَ أَبُو شَامَة (٤) :اجْتَمَعتُ بِأَبِي الفُتُوْحِ بنِ العَاضد، وَهُوَ مسجُوْنٌ مقيِّد، فحكَى لِي أَن أَبَاهُ فِي مَرَضِهِ طَلَبَ صلاَحَ الدِّين، فَجَاءَ، وَأَحْضَرَنَا


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) هو محمد بن الموفق بن سعيد، أبو البركات، نجم الدين الخبوشاني، نسبة إلى خبوشان - وهي بليدة بناحية نيسابور - انتقل إلى مصر، وحظي عند السلطان صلاح الدين.
صنف كتاب " تحقيق المحيط " في الفقه، قال عنه ابن خلكان: " رأيته في ستة عشر مجلدا ". توفي - رحمه الله - سنة / ٥٨٧ / هـ. له ترجمة في " وفيات الأعيان ": ٤ / ٢٣٩ - ٢٤٠ و" طبقات الشافعية ": ٤ / ١٩٠ - ١٩٢.
(٣) " وفيات الأعيان ": ٣ / ١١١.
(٤) المؤرخ المشهور، صاحب كتاب " الروضتين " عبد الرحمن بن إسماعيل، المقدسي الدمشقي. لقب أبا شامة، لشامة كبيرة كانت فوق حاجبه الأيسر. توفي سنة / ٦٦٥ / هـ سترد ترجمته عند المؤلف فيما بعد.