للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سِتٍّ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

ثُمَّ كَانَ يَشِدُّ القَلَمَ عَلَى سَاعِدِه، وَيَكْتُبُ خَطّاً جَيِّداً.

وَكَتَبَ أَيْضاً بِاليُسْرَى (١) .

وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَاتِب يَطْلُبُ الوَزَارَة.

فَلَمَّا قَرُب بُجْكم مِنْ بَغْدَادَ، طَلَبَ أَبَا عَلِيٍّ، فَقَطَعَ لِسَانَهُ وَسُجِنَ مُدَّة، وَلَحِقَه ذرَب (٢) .

وَكَانَ يَسْتَقِي بِيسَارِه، وَيُمْسِكُ الحَبْلَ بفَمه، وَقَاسَى بلاَءً إِلَى أَنْ مَاتَ.

وَدُفِنَ فِي دَارِ السَّلطنَة، ثُمَّ سَأَلَ أَهْلُه فَنُبِشَ، وَسُلِّم إِلَيْهِم، فَدَفَنَه ابْنُه أَبُو الحُسَيْنِ فِي دَاره (٣) .

قَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُقْلَة (٤) :كَانَ أَبُو عَلِيٍّ الوَزِيْرُ، يَأْكُل يَوْماً، فَلَمَّا غَسَلَ يَدَه، وَجَدَ نُقْطَةً صَفرَاءَ مِنْ حُلْوٍ عَلَى ثَوْبه فَفَتَح الدَّوَاة، فَاسْتمدَّ مِنْهَا وَطَمَسَهَا بِالقَلَمِ وَقَالَ: ذَاكَ عَيْبٌ.

وَهَذَا أَثَر صِنَاعَةٍ.

إِنَّمَا الزَّعْفَرَانُ عِطْرُ العَذَارَى ... وَمِدَادُ الدَّواة عِطر الرِّجَالِ (٥)

قَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ المَأْمُوْن: أَنشدَنَا أَبُو عَلِيٍّ بنُ مُقْلَة لِنَفْسِهِ:

إِذَا أَتَى المَوْتُ لمِيْقَاتِهِ ... فَخلِّ (٦) ، عَنْ قَوْلِ الأَطِبَّاءِ

وَإِنْ مَضَى مَنْ أَنْتَ صَبٌّ بِهِ ... فَالصَّبْرُ مِنْ فِعْل الأَلِبَّاءِ

مَا مَرَّ شَيْءٌ ببنِي آدم ... أَمَرُّ مِن فَقَدِ الأَحِبَّاءِ (٧)


(١) انظر أخباره في " المنتظم ": ٦ / ٣٠٩ - ٣١١، و" الكامل ": ٨ / في حوادث السنين المذكورة.
(٢) هو الداء الذي يعرض للمعدة، فلا تهضم الطعام ويفسد فيها، ولا تمسكه.
" اللسان ": (ذرب) .
(٣) " ثمار القلوب ": ٢١١.
(٤) هو أخو الوزير وستأتي ترجمته مختصرة في آخر هذه الترجمة.
(٥) " نشوار المحاضرة ": ٣ / ٢٥٤ وما بين حاصرتين منه.
(٦) في " المنتظم ": فعد.
(٧) " المنتظم ": ٦ / ٣١١.