للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبُو عُمَرَ بنُ حَيُّوَيْه: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ النُّوْبَخْتِي، قَالَ: قِيْلَ: إِنَّ أَبَا عَلِيٍّ، قَالَ:

مَا مَلِلْتُ (١) الحَيَاةَ لَكِنْ تَوَثَّقْـ ... ـت بِأَيْمَانهِم فَبَانَتْ يمِينِي

لَقَدْ أَحسنتُ مَا اسْتطعتُ بجَهدِي ... حِفْظ أَيمَانهُم فَبَانتْ يَمِينِي

بِعْت دينِي لَهُم بدنيَايَ حَتَّى ... حَرَمُونِي دُنْيَاهُم بَعْدَ دينِي

لَيْسَ بَعْدَ اليَمِين لذَّةُ عَيْشٍ ... يَا حيَاتِي بَانَتْ يمِينِي فَبينِي (٢)

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ التَّنُوْخِيّ: حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ الحَسَنِ الوَاثِقيُّ، قَالَ:

كُنْتُ أَرَى دَائِماً جَعْفَرَ بنَ وَرْقَاء (٣) يَعْرِضُ عَلَى ابْنِ مُقْلَةَ فِي وِزَارَتِه الرِّقَاعَ الكَثِيْرَةَ فِي حَوَائِجِ النَّاسِ فِي مَجَالِس حَفْله، وَفَي خَلْوَته.

فرُبَّمَا عَرَضَ فِي اليَوْمِ أَزيدَ مِنْ مائَةِ رُقْعَةٍ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ فِي مَجْلِسٍ خَالٍ شَيْئاً كَثِيْراً، فَضَجِرَ، وَقَالَ: إِلَى كم يَا أَبَا مُحَمَّدٍ؟

فَقَالَ: عَلَى بَابك الأَرملَة وَالضَّعيف وَابْنُ السَّبِيل، وَالفقيرُ، وَمَنْ لاَ يَصلُ إِلَيْكَ.

وَقَالَ: أَيَّد اللهُ الوَزِيْرَ إِنْ كَانَ فِيْهَا شَيْءٌ لِي فَخرِّقْهُ.

إِنَّمَا أَنْتَ الدُّنْيَا، وَنَحْنُ طُرُقٌ إِلَيْك، فَإِذَا سأَلونَا سأَلْنَاك، فَإِن صَعُبَ هَذَا أَمَرْتَنَا أَنْ لاَ نعرِضَ شَيْئاً، وَنعرِّف النَّاسَ بضَعْفِ جَاهِنَا عِنْدَكَ ليعذُرونَا.

فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لَمْ أَذهبْ حَيْثُ ذَهَبْتَ وَإِنَّمَا أَومأَتُ إِلَى أَنْ تكُونَ هَذِهِ الرِّقَاع الكَثِيْرَة فِي مجلِسَيْن.

وَلَوْ كَانَتْ كُلّهَا تَخُصُّك لقضيتُهَا، فَقبَّل جَعْفَرٌ يَدَه (٤) .

قَالَ الوَاثِفِيُّ الحَاجِبُ: كَانَتْ فَاكهَةُ ابْنِ مُقْلَة، لَمَّا وَلِي


(١) في " المنتظم " و" وفيات الأعيان ": ما سئمت.
(٢) " المنتظم ": ٦ / ٣١١، و" وفيات الأعيان ": ٥ / ١١٦.
(٣) هو جعفر بن محمد بن ورقاء، الشيباني: شاعر، كاتب، جيد البديهة والروية، اتصل بالمقتدر العباسي.
توفي / ٣٥٢ / هـ له ترجمة في " فوات الوفيات ": ١ / ٢٠٥ - ٢٠٦. طبعة قديمة.
(٤) نشوار المحاضرة: ١ / ٨٣.