للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ التَّنُوجِيُّ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَسَنِ الدِّينَارِي، سَمِعْتُ الحُسَيْن بنَ أَبِي عَلِيّ بن مُقْلَة، يُحَدِّث أَنَّ الرَّاضِي بِاللهِ، قطع لِسَانَ أَبِيْهِ قَبْل مَوْتِه بِمُدَّة، وَقتَلَهُ بِالجوع.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّاضِي تندَّم عَلَى قَطْعِ يَدِهِ، وَاسْتدَعَاهُ مِنْ حَبْسِهِ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ.

وَكَانَ يشَاوره وَيستدعيه فِي خَلْوَتِهِ وَقْتَ الشُّرْبِ، وَأَنِسَ بِهِ.

فَقَامَتْ قيَامَةُ ابْنِ رَائِق، وَخَافَ وَدسَّ منْ أَشَارَ عَلَى الخَلِيْفَةِ بِأَنَّ لاَ يُدْنِيه إِلَى أَنْ قَالَ:

وَكَانَ أَبِي يَكْتُبُ بِاليُسْرَى خَطّاً لاَ يَكَادُ أَنْ يَفْرُقَ مِنْ خَطّه بِاليُمْنَى.

قَالَ: وَمَا زَالُوا بِالرَّاضِي، حَتَّى تخيِّلَ مِنْهُ وَأَهْلَكَه.

وَللصولِي فِيْهِ:

لَئِنْ قَطَعُوا يُمْنَى يَدَيْهِ لِخَوْفِهِم ... لأَقلاَمه لاَ لِلسُّيوف الصَّوَارِمِ

فَمَا قَطَعُوا رأَياً إِذَا مَا أَجَالَه ... رَأَيْتَ المنَايَا فِي اللِّحَى وَالغَلاَصِمِ (١)

مَوْلِدُهُ فِي شَوَّالٍ سنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.

وَمَاتَ فِي حَادِي عشر شَوَّال سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.

اختُلِفَ فِيْهِ هَلْ هُوَ صَاحِبُ الخطِّ المنسوبِ أَوْ أَخُوْهُ الحَسَن؟

وَكَانَا بديَعِي الكِتَابَة، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الحَسَنَ هُوَ صَاحِبُ الخطِّ.

وَكَانَ أَوَّل مَنْ نَقَلَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ المولَّدَة مِنَ القَلَمِ الكُوْفِيّ (٢) .

ذكره ابْنُ النَّجَّار، وَكَانَ أَدِيْباً شَاعِراً، وَفَدَ عَلَى مَلِك الشَّامِ سَيْف الدَّوْلَةِ، وَنَسَخَ لَهُ عِدَّة مُجَلَّدَاتٍ (٣) .


(١) في " الفخري ": ٢٤١ " رأيت الردى بين اللها والغلاصم " والغلاصم: مفردها غلصمة وهي الموضع الناتئ في الحلقوم.
(٢) انظر " صبح الاعشى ": ٣ / ١٧.
(٣) انظر " معجم الأدباء ": ٩ / ٣١ - ٣٢.