للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

حديث صحيح. فإذا تركه فعليه دم لقول ابن عباس: من ترك نسكًا فعليه دم. وأما المبيت بمزدلفة فواجب لما في حديث جابر «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى الصبح حين تبين له الصبح» يعني بالمزدلفة. وفي حديث ابن مسعود: «صلى الفجر حين طلع الفجر» وهذا دليل على أنه بات بها وقد قال: «خذوا عني مناسككم» فإن دفع قبل نصف الليل فعليه دم لأنه لم يبت، وإن دفع بعد نصف الليل فلا شيء عليه لأنه يكون قد بات، ولأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرخص للعباس في ترك المبيت بمزدلفة» لأجل سقايته، وللرعاة من أجل رعايتهم. وذلك دليل على وجوبه على غيرهم لكونه سقط عن هؤلاء رخصة، وعنه أن المبيت بها غير واجب ولا شيء على تاركه، والمذهب الأول لما سبق.

[فصل في ركن السعي بين الصفا والمروة] ١

فصل: وأما السعي فعن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه لا يتم الحج إلا به ولا ينوب عنه دم بوجه وهو قول عائشة وعروة، وعنه أنه مستحب ولا يجب بتركه دم، روي ذلك عن ابن عباس وأنس وعبد الله بن الزبير، فإن الله تعالى قال: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: ١٥٨] ، وفي مصحف أُبيّ وابن مسعود: "فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما" وهذا إن لم يكن قرآنًا فلا ينحط عن درجة الخبر لأنهما يرويانه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. واختار القاضي أن يكون حكمه حكم الرمي يكون واجبًا ينوب عنه الدم، ووجه الأول ما روى مسلم عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قالت: «طاف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وطاف المسلمون بين الصفا والمروة فكانت سنة، فلعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة» . وأما الآية فنزلت لما تحرج المسلمون من السعي بين الصفا والمروة في الإسلام لما كانوا يطوفون فيهما في الجاهلية لأجل صنمين كانا في الصفا والمروة. كذلك قالت عائشة. وروي «عن حبيبة بنت أبي تجراة قالت: دخلت مع نسوة من قريش دار آل أبي حسين ننظر إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو يسعى بين الصفا والمروة وإن مئزره يدور في وسطه من شدة سعيه حتى أقول: إني لأرى ركبتيه، وسمعته يقول: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي» قال شيخنا: وقول القاضي أقرب

<<  <   >  >>