للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢) وتصح الوصية والتدبير من كل من تصح هبته

(٣) ومن الصبي العاقل

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

الاستحباب. وروى ابن عمر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يقول الله: يا ابن آدم، جعلت لك نصيبًا من مالك حين أخذت بكظمك لأطهرك به وأزكيك» وقوله: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠] الخير: المال الكثير، فأما الفقير فلا يستحب له وصية، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لسعد: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس» وقال: «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول» وقال رجل لعائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: " إن لي ثلاثة آلاف درهم وأربعة أولاد أفأوصي؟ فقالت: اجعل الثلاثة للأربعة"، ولأن الله سبحانه إنما كتب الوصية على من ترك خيرًا، فلما نسخ الوجوب بقي الاستحباب في محل الوجوب لا يعدوه. واختلفوا في القدر الذي إذا ملك لا يستحب معه الوصية، فروي عن أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: من ترك دون الألف لا يستحب له الوصية. وعن علي: أربعمائة دينار، وقال ابن عباس: من ترك ستين دينارًا لم يترك خيرًا. وقال طاوس: الخير ثمانون دينارًا. وقال النخعي: ألف وخمسمائة.

[فصل في مقدار الوصية] ١

فصل: والأفضل أن لا يستوعب الثلث بالوصية لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الثلث، والثلث كثير» وأكثرهم على استحباب الوصية بالخمس، وروي عن أبي بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه أوصى بالخمس وقال: رضيت بما رضي الله به لنفسه. وعن علي قال: لأن أوصي بالخمس أحب إلي من الربع. وروى سعيد عن إبراهيم قال: كانوا يقولون: صاحب الربع أفضل من صاحب الثلث، وصاحب الخمس أفضل من صاحب الربع. وعن العلاء قال: أوصى أبي أن أسأل العلماء أي الوصية أعدل؟ فما تتابعوا عليه فهو وصية، فتتابعوا على الخمس.

مسألة ٢: (وتصح الوصية والتدبير من كل من تصح هبته) لأنها تبرع أشبهت الهبة.

مسألة ٣: (وتصح من الصبي والعاقل) قال أبو بكر: لا يختلف المذهب أن من له عشر سنين تصح وصيته، ومن له دون السبع لا تصح، وأما بين السبع والعشر فعلى روايتين. وقال ابن إسحاق: إذا بلغ اثنتي عشرة سنة. وحكاه ابن المنذر عن أحمد. وروى شعبة أن صبيًا من غسان له عشر سنين أوصى لأخواله، فرفع ذلك إلى عمر فأجاز وصيته، ولا يعرف له مخالف. وروى مالك في الموطأ أن عمرو بن سليم أخبر أنه قيل لعمر بن الخطاب: إن هاهنا غلامًا يفاعا لم يحتلم من غسان ورثته بالشام، وهو ذو مال وليس له هاهنا إلا ابنة عم، فقال عمر: فليوص لها، فأوصى لها بمال يقال له بئر حسم. قال

<<  <   >  >>