للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل: ومن أتى حدا خارج الحرم ثم لجأ إلى الحرم أو لجأ إليه من عليه قصاص لم يستوف منه حتى يخرج

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

الحد بوطئها، فكذلك المال المشترك لا يجب الحد بالأخذ منه، ومال ولده كماله؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أنت ومالك لأبيك» ، (وكذلك إذا أخذ من مال غريمه الذي يعجز عن تخليصه منه بقدر حقه فإنه لا يحد) ؛ لأن العلماء اختلفوا في حل ذلك، واختلاف العلماء في حل الشيء شبهة في درء الحد، كما لو وطئ في نكاح فاسد مختلف فيه.

[[فصل فيمن أتى حدا خارج الحرم ثم لجأ إليه]]

(فصل: ومن أتى حدا خارج الحرم ثم لجأ إلى الحرم أو لجأ إليه من عليه قصاص لم يستوف منه حتى يخرج) من الحرم فيستوفى منه، روي ذلك عن ابن عباس، وعن الإمام أحمد رواية أخرى أن الجناية إذا كانت فيما دون النفس (استوفيت، وإن كانت في النفس) لم تستوف في الحرم؛ ولأن حرمة النفس أعظم، قال أبو بكر: هذه مسألة وجدتها مفردة لحنبل عن عمه أن الحدود كلها تقام في الحرم إلا القتل، والعمل على أن كل جان دخل الحرم لم يقم حد جنايته حتى يخرج منه، وإن هتك حرمة الحرم بالجناية هتكت حرمته بإقامة الحد عليه، ودليل الأولى قول الله سبحانه: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: ٩٧] قيل: المراد بهذا الخبر الأمر، وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، وإنما حلت لي ساعة من نهار ثم عادت حرمتها، فلا يسفك فيها دم» (رواه مسلم) ، وروى أبو شريح أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد فيها شجرة، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقولوا: إن الله أذن لرسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد منكم الغائب» متفق عليه، ووجه الحجة أنه حرم سفك الدم بها على الإطلاق، وتخصيص مكة بهذا يدل على أنه أراد العموم، فإنه لو أراد سفك الدم الحرام لم تختص به مكة فلا يكون التخصيص مفيدا، ومن وجه آخر وهو أنه قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما أحلت لي ساعة من نهار ثم عادت حرمتها» ومعلوم أنه إنما أحل له سفك دماء كانت حلالا في غير الحرم فحرمها الحرم، ثم أحلت له ساعة، ثم عادت الحرمة، ثم أكد هذا بمنعه قياس غيره عليه والاقتداء به بقوله:

<<  <   >  >>