للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب حد الزنا من أتى الفاحشة في قبل أو دبر من امرأة لا يملكها

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

ومعنا حذيفة بن اليمان وعلينا الوليد بن عقبة فشرب الخمر فأردنا أن نجلده فقال حذيفة: أتجلدون أميركم وقد دنوتم من عدوكم فيطمعوا فيكم، وأتي سعد بأبي محجن يوم القادسية وقد شرب الخمر فأمر به إلى القيد، فلما التقى الناس قال أبو محجن:

كفى حزنا أن تطرد الخيل بالقنا ... وأترك مشدودا على وثاقيا

فقال لابنة حفصة امرأة سعد: أطلقيني ولله علي إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في القيد، وإن قتلت استرحتم مني، قال: فخلته حين التقى الناس، وكانت بسعد جراحة فصعدوا به فوق العذيب ينظر إلى الناس، فوثب أبو محجن على فرس لسعد يقال لها البلقاء، ثم أخذ رمحا فجعل لا يحمل على ناحية من العدو إلا هزمهم الله، وجعل الناس يقولون: هذا ملك لما يرونه يصنع، وجعل سعد يقول: الصبر صبر البلقاء والطعن طعن أبي محجن، وأبو محجن في القيد، فلما هزم الله العدو رجع أبو محجن حتى وضع رجله في القيد، فأخبرت ابنة حفصة سعدا بما كان من أمره، فقال سعد: لا والله لا أضرب اليوم رجلا أبلى الله به المسلمين ما أبلاهم، فخلى سبيله، فقال أبو محجن: قد كنت أشربها إذ يقام علي الحد وأطهر منها، فأما إذا بهرجتني فوالله لا أشربها أبدا، وهذا اتفاق لم يظهر خلافه، فأما إذا خرج من دار الحرب فإنه يقام عليه الحد لعموم الآيات والأخبار، وإنما أخر لعارض كما يؤخر لمرض أو نحوه، فإذا زال العارض أقيم، ولهذا قال عمر: حتى يقطع الدرب قافلا.

[[باب حد الزنا]]

الزاني: (من أتى الفاحشة في قبل أو دبر من امرأة لا يملكها أو من غلام أو من فعل ذلك به) ، لا خلاف بين أهل العلم في أن من وطئ امرأة في قبلها لا شبهة له في وطئها أنه زان، فأما إن وطئها في دبرها فهو أيضا زان؛ لأنه وطئ امرأة في فرجها ولا ملك له فيها ولا شبهة فكان زانيا، كما لو وطئ في القبل، ولأن الله سبحانه قال: {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: ١٥] ، ثم بين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أن الله قد جعل لهن سبيلا: " البكر بالبكر جلد

<<  <   >  >>