للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب حد القذف

ومن رمى محصنا بالزنا أو شهد عليه به فلم تكمل الشهادة عليه جلد ثمانين جلدة إذا طلب المقذوف

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

بيضاء وشهد اثنان أنه زنى بها سوداء فهم قذفة، وهذا ينقض عليه قوله: ولو شهد اثنان أنه زنى بها في زاوية من هذا البيت وشهد اثنان أنه زنى بها في زاوية أخرى منه، فإن كانت الزاويتان متباعدتين بحيث لا يمكن أن يوجد الفعل الواحد فيهما، فالقول فيهما كالقول فيما إذا اختلفا في البيتين، وإن كانتا متقاربتين كملت شهادتهم وحد المشهود عليه، وقال الشافعي: لا حد عليه؛ لأن شهادتهم لم تكمل فأشبه ما لو اختلفا في البيتين، ولنا أنه أمكن صدق الشهود عليه بأن يكون ابتداء الفعل في إحدى الزاويتين وتمامه في الأخرى فيجب قبول شهادتهم كما لو اتفقوا على موضع واحد.

فإن قيل: قد يمكن أن تكون الشهادة هاهنا على فعلين فلم أوجبتم الحد والحدود تدرأ بالشبهات؟ قلنا: يبطل هذا فيما إذا اتفقوا على موضع واحد فإنه يمكن أن تكون الشهادة على فعلين بأن يكون قد فعل ذلك في ذلك الموضع مرتين ومع هذا لا يمتنع وجوب الحد فكذا هاهنا.

[[باب حد القذف]]

(ومن رمى محصنا بالزنا أو شهد به عليه فلم تكمل الشهادة عليه جلد ثمانين جلدة إذا طالب المقذوف) أجمع العلماء على وجوب الحد على من قذف المحصن، وذلك لقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤] .

والمحصن من وجدت فيه خمس شرائط:

أن يكون حرا مسلما عاقلا بالغا عفيفا، وهذا إجماع وبه يقول جملة العلماء قديما وحديثا، سوى ما روي عن داود أنه أوجب الحد على قاذف العبد، وعن ابن المسيب وابن أبي ليلى قالا: إذا قذف ذمية لها ولد مسلم يحد، والأول أولى؛ لأن من لم يحد قاذفه إذا لم يكن له ولد لا يحد له ولد كالمجنونة، وروي عن الإمام أحمد في اشتراط البلوغ روايتان: إحداهما: يشترط لأنه أحد شرطي التكليف فأشبه العقل، ولأن زنا الصبي لا يوجب الحد فلا يجب الحد بالقذف كزنا المجنون، والثانية: لا يشترط لأنه حر بالغ عاقل

<<  <   >  >>