للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحرب، وتستحب لمن قدر على ذلك

(٥٩) ولا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار، إلا من بلد بعد فتحه

باب الجزية ولا تؤخذ الجزية إلا من أهل الكتاب وهم اليهود ومن دان بالتوراة، والنصارى ومن

ــ

[العُدَّة شرح العُمْدة]

لا يتمكن من الواجب إلا به واجب لكونه من ضرورة الواجب.

الثاني: من تستحب له الهجرة، وهو من يتمكن من إظهار دينه في دار الحرب والقيام بواجبه، إما لقوة عشيرته أو غير ذلك، فهذا لا تجب عليه لإمكان إقامة واجب دينه، وتستحب له؛ لأن في إقامته عندهم تكثيراً لعددهم واختلاطاً بهم ورؤية المنكر بينهم.

الثالث: من تسقط عنه الهجرة، وهو من يعجز عنها إما لمرض أو إكراه على الإقامة أو ضعف، فهذا لا تجب عليه ولا يوصف باستحباب، لقوله سبحانه: {إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} [النساء: ٩٨] {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: ٩٩] .

مسألة ٥٩: (ولا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار، إلا من بلد بعد فتحه) لما سبق.

[[باب الجزية]]

(ولا تؤخذ الجزية إلا من أهل الكتاب وهم اليهود ومن دان بالتوراة، والنصارى ومن دان بالإنجيل، والمجوس إذا التزموا أداء الجزية وأحكام الملة) والأصل في الجزية الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقوله سبحانه: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} [التوبة: ٢٩] إلى قوله {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] وأما السنة «فروى المغيرة أنه قال لجند كسرى يوم نهاوند: " أمرنا نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية» أخرجه البخاري. وأجمع المسلمون على جواز أخذ الجزية في الجملة، واشتقاقها من جزى يجزي إذا قضى، تقول العرب: جزيت ديني إذا قضيته، وقال الله سبحانه: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: ٤٨] أي لا تقضي. والذين تقبل منهم الجزية صنفان: أهل الكتاب، ومن له شبهة كتاب. فأهل الكتاب اليهود والنصارى ومن دان بدينهم كالسامرة يدينون بالتوراة، وإنما خالفوا اليهود في فروع دينهم، وفرق النصارى

<<  <   >  >>