للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سئل عن الحور فقال: أن تكون العين سوداء كلها كعيون الظباء والبقر، ولا حور في الإنسان، هذا أحد أقوال الأصمعي في الحور، ويدلك على أن التشبيه إنما هو هو بالمقاربة كما قلنا.

والتشبيه والاستعارة جميعاً يخرجان الأغمض إلى الأوضح، ويقربان البعيد، كما شرط الرماني في كتابه، وهما عنده في باب الاختصار.

قال: واعلم أن التشبيه على ضربين: تشبيه حسن، وتشبيه قبيح، فالتشبيه الحسن هو الذي يخرج الأغمض إلى الأوضح فيفيد بياناً، والتشبيه القبيح ما كان على خلاف ذلك، قال:

وشرح ذلك أن ما تقع عليه الحاسة أوضح في الجملة مما لا تقع عليه الحاسة، والمشاهد أوضح من الغائب؛ فالأول في العقل أوضح من الثاني، والثالث أوضح من الرابع، وما يدركه الإنسان من نفسه أوضح مما يعرفه من غيره، والقريب أوضح من البعيد في الجملة، وما قد ألف أوضح مما يؤلف، ثم عاب على بعض شعراء عصره:

صدغه ضد خده مثل ما الوع ... د إذا ما اعتبرت ضد الوعيد

من قبل أنه شبه الأوضح بالأغمض، وما تقع عليه الحاسة بما لا تقع عليه، وكذلك قوله:

له غرة كلون وصالٍ ... فوقها طرة كلون صدود

وقال في موضع آخر: التشبيه على ضربين والأصل واحد: فأحدهما التقدير، والآخر التحقيق؛ فالذي يأتي على التقدير التشبيه من وجه واحد دون وجه، والذي يأتي على التحقيق التشبيه على الإطلاق، وهو التشبيه بالنفس، مثل تشبيه الغراب بالغراب، وحجر الذهب بحجر الذهب إذا كان مثله سواء، وحمرة شقائق بحمرة الشقائق.

قال صاحب الكتاب: أما ما شرط في التشبيه فهو الحق الذي لا يدفع،

<<  <  ج: ص:  >  >>