للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنت ابن سوار اليدين إلى العلى ... تكفت بك الشمس المضيئة للبدر

فقال: أحسنت، وأمر له بعشرة آلاف درهم.

وإذا كان الممدوح ملكاً لم يبال الشاعر كيف قال فيه، ولا كيف أطنب، وذلك محمود، وسواه المذموم، وإن كان سوقة فإياك والتجاوز به خطته؛ فإنه متى تجاوز به خطته؛ كان كمن نقصه منها، وكذلك لا يجب أن يقصر عما يستحق، ولا أن يعطيه صفة غيره؛ فيصف الكاتب بالشجاعة والقاضي بالحمية والمهابة، وكثيراً ما يقع هذا لشعراء وقتنا، وهو خطأ، إلا أن تصحبه قرينة تدل على الصواب الرأي فيه، وكذلك لا يجب أن يمدح الملك ببعض ما يتجه في غيره من الرؤساء، وإن كان فضيلة.

وذلك مثل قول البحتري يمدح المعتز بالله:

لا العذل يردعه ولا الت ... عنيف عن كرم يصده

فإنه مما أنكره عليه أبو العباس أحمد بن عبد الله، وقال: من ذا يعنف الخليفة على الكرم أو يصده؟ هذا بالهجاء أولى منه بالمدح.

وعيب على الأخطل قوله في عبد الملك بن مروان:

وقد جعل الله الخلافة منهم ... لأبيض لا عاري الخوان ولا جدب

وقالوا: لو مدح بها حرسياًً لعبد الملك لكان قد قصر به.

قلت أنا: وإن كان فلا بد من ذكر الضيافة والقرى، كقول ابن قيس الرقيات لمصعب بن الزبير:

يلبس الجيش بالجيوش ويسقي ... لبن البخت في عساس الخلنج

لأن هذا وإن لم يعد به ممادحة العرب في سقي اللبن فقد زاده رتبة عرف بها أنه ملك. وأجود منه في معناه قول حسان في آل جفنة:

<<  <  ج: ص:  >  >>