للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتكسب زهير بن أبي سلمى بالشعر يسيراً مع هرم بن سنان.

فلما جاء الأعشى جعل الشعر متجراً يتجر به نحو البلدان، وقصد حتى ملك العجم فأثابه وأجزل عطيته علماً بقدر ما يقول عند العرب، واقتداء بهم فيه، على أن شعره لم يحسن عنده حين فسر له، بل استهجنه واستخف به، لكن احتذى فعل الملوك ملوك العرب.

وأكثر العلماء يقولون: إنه أول من سأل بشعره، وقد علمنا أن النابغة أسن منه وأقدم شعراً، وقد ذكر عنه من التكسب بالشعر مع النعمان بن المنذر مع ما فيه من قبح: من مجاعلة الحاجب، ودس الندماء على ذكره بين يديه، وما أشبه ذلك.

وذكر أن أبا عمرو بن العلاء سئل: لم خضع النابغة للنعمان؟ فقال: رغب في عطائه وعصافيره.

وأما زهير فما بلغه الطائي قط معرفة باجتداء من يمدحه، ويدلك على ذلك ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه لابنة زهير حين سألها: ما فعلت حلل هرم بن سنان التي كساها أباك؟ قالت: أبلاها الدهر، قال: لكن ما كساه أبوك هرماً لم يبله الدهر، وقال عمر رضي الله عنه لبعض ولد هرم بن سنان: أنشدني ما قال فيكم زهير، فأنشده، فقال: لقد كان يقول فيكم فيحسن، قال: يا أمير المؤمنين إنا كنا نعطيه فنجزل، قال عمر: ذهب ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم.

ثم إن الحطيئة أكثر من السؤال بالشعر، وانحطاط الهمة فيه، والإلحاف، حتى مقت وذل أهله وهلم جرا، إلى أن حرم السائل وعدم المسئول.

<<  <  ج: ص:  >  >>