للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبيح فهو من عندهم، ليس النمط واحدا: ترى قطعة ديباج، وقطعة مسيح، وقطعة نطع، هذا مذهب أبي عمرو وأصحابه: كالأصمعي، وابن الأعرابي أعني أن كل واحد منهم يذهب في أهل عصره هذا المذهب، ويقدم من قبلهم وليس ذلك الشيء إلا لحاجتهم في الشعر إلى الشاهد، وقلة ثقتهم بما يأتي به المولدون، ثم صارت لجاجة.

فأما ابن قتيبة فقال: لم يقصر الله الشعر والعلم والبلاغة على زمن دون زمن، ولا خص قوماً دون قوم، بل جعل الله ذلك مشتركاً مقسوماً بين عباده في كل دهر، وجعل كل قديم حديثاً في عصره.

ومما يؤيد كلام ابن قتيبة كلام علي رضي الله عنه " لولا أن الكلام يعاد لنفد " فليس أحدنا أحق بالكلام من أحد، وإنما السبق والشرف معا في المعنى على شرائط نأتي بها فيما بعد من الكتاب إن شاء الله. وقول عنترة هل غادر الشعراء من متردم يدل على أنه يعد نفسه محدثاً، قد أدرك الشعر بعد أن فرغ الناس منه ولم يغادروا له شيئاً، وقد أتى في هذه القصيدة بما لم يسبقه إليه متقدم، ولا نازعه إياه متأخر. وعلى هذا القياس يحمل قول أبى تمام وكان إماماً في هذه الصناعة غير مدافع:

يقول من تقرع أسماعه ... كم ترك الأول للآخر

فنقض قولهم " ما ترك الأول للآخر شيئاً " وقال في مكان آخر فزاده بياناً وكشفاً للمراد:

فلو كان يفنى الشعر أفناه ما قرت ... حياضك في العصور الذواهب

ولكنه صوب العقول: إذا انجلت ... سحائب منه أعقبت بسحائب

<<  <  ج: ص:  >  >>