للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصيانة، ورحل في طلب العلم إلى مدينة بروسا، فقرأ على الشيخ سنان الدين، ثم اتصل بخدمة المولى حسن الساموني، ثم رغب في خدمة المولى خواجه زاده، ثم ولي التدريس حتى صار مدرساً بمدرسة السلطان بايزيد خان بمدينة أماسية، وفوض إليه أمر الفتوى، ثم تركها وعين له السلطان بايزيد كل يوم مائة عثماني، على وجه التقاعد، ولما جلس السلطان سليم خان على سرير الملك، اشترى له داراً في جوار أبي أيوب الأنصاري - رضي الله تعالى عنه - والآن هي وقف وقفها السيد إبراهيم على من يكون مدرساً بمدرسة أبي أيوب وكان مجرداً لم يتزوج في عمره بعد أن أبرم عليه والده في التزوج، ثم رجع عنه بعد أن أجابه إلى ذلك، وكان رجوعه عنه لإشارة النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وكان منقطعاً عن الناس في العلم والعبادة، زاهداً ورعاً، يستوي عنده الذهب والمدر، ذا عفة ونزاهة، وحسن سمت وأدب واجتهاد، ما راه أحد إلا جاثياً على ركبتيه لم يضطجع أبداً مع كبر سنة، وكان من عادته لا يأمر أحداً بشيء أصلاً، وربما أخذ الكوز فوجده فارغاً، فلا يقول لأحد من خدمه أملأه حذراً من الأمر، وكان طويل القامة، كبير اللحية، حسن الشيب يتلألأ وجهه نوراً، وكان متواضعاً خاشعاً، يرحم الفقير، ويجل الكبير، ويكثر الصدقة، ويلازم على الصلوات في الجماعة، ويعتكف بين العشائين في المسجد، وكف في آخر عمره مدة، ثم عولج فأبصر ببعض بصره، وكان رجل من الطلبة يطيل لسانه فيه فأخبر بذلك مراراً فلم يتأثر، حتى قيل له يوماً أن ذلك الرجل ذكره بسوء فقال: هل يتحرك لسانه الآن. فاعتقل لسان الرجل، وبقي كذلك حتى مات الرجل لخصت هذه الترجمة من الشقائق النعمانية، وذكر أنه توفي في سنة خمس وثلاثين وتسعمائة قال: وقد ذهبت إليه في مرض موته، وهو قريب من الإحتضار ففتح عينيه فقال: إن الله تعالى كريم لطيف شاهدت من كرمه ولطفه ما أعجز عن شكره، ثم اشتغل بنفسه ودعوت له، وذهبت ومات في تلك الليلة، ودفن عند جامع أبي أيوب الأنصاري رحمه الله تعالى

[إبراهيم العجمي]

إبراهيم العجمي الصوفي الشيخ المسلك نزيل مصر، كان رفيقاً للشيخ دمرداش، والشيخ شاهين في الطريق على سيدي عمر روشني بتبريز العجم، ثم دخل مصر في دولة ابن عثمان، وأقام بمدرسة بباب زويلة، فحصل له القبول التام، وأخذ عنه خلق كثير من الأعجام والأروام، وكان يفسر القرآن العظيم، ويقريء في رسائل القوم مدة طويلة، حتى وشي به إلى السلطان لكثرة مريديه، وأتباعه، وقيل له: نخشى أن يملك مصر

<<  <  ج: ص:  >  >>