للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهبت في سبيلها، ومضى لوجهه هارباً، فدخل الحمام فكبسه الجند وهو في الحمام، فقال للحمامي: إئتني بلباسي وخنجري، فخرج عليهم وتفرقوا عنه وطاح إلى بستان هناك واستغاث بأبي العون الغزي، وكان قاسم قد اجتمع بأبي العون قبل ذلك وشاهد بركاته، فحماه الله تعالى منهم ببركته، واستمر على وجهه على طريق الساحل إلى جلجوليا، فدخل على الشيخ فكاشفه الشيخ بما وقع وقال له: كيف تقتل مملوك السلطان، فاعتذر بما فعله الجندي ودخل تحت ذيل الشيخ فقال له: الشيخ: لك الأمان وكتب له كتابا إلى نائب دمشق قانصوه اليحياوي، وكتاباً إلى نائب حلب. وقال له الشيخ: إسق الماء واترك الزعارة، فأكرمه قانصوه اليحياوي وأعطاه ألف درهم إكراماً للشيخ أبي العون، وكتب به كتاباً إلى نائب حلب يأمره فيه بإكرامه، وعدم التعرض له مما يؤذيه لأجل خاطر الشيخ أبي العون، وحذره من تكدير خاطر الشيخ عليه، فقدم قاسم على نائب حلب فأكرمه، وعفا عنه ببركة الشيخ واستمر قاسم في يومئذ يسقي الماء بيده في شربتين، ولزم طور الفقراء، وترك ما كان عليه من أطوار الشطار والزعار. قال ابن الحنبلي: توفي الشيخ قاسم في أواخر سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة.

[قاسم بن عبد الكريم الفاسي]

قاسم بن عبد الكريم المغربي الفاسي الأوراسي، كان أبوه بواباً بخان الليمون بدمشق، وكان هو من أتباع القاضي ولي الدين الفرفور، ثم قدم حلب فراش بها، وتزوج بها فاطمة بنت كاتب الأسرار المحب بن أجا بعد وفاة أبيها، واستولى على أموالها، وأوقاف أبيها وأبيه وجدها لأبيها الفخر عثمان بن غلبك فكثر ماله واتسعت دائرته، وقوي جأشه، وزاحم في المناصب الجليلة، وتولى نظر جامع حلب، وخالط أركان الدولة، ولم تسعه حلب فذهب إلى القاهرة، وتولى فيها نظر الأوقاف في سنة أربعين أو قبلها بمعونة الأمير جانم الحمزاوي ثم قيل أنه هو الذي دبر مع سليمان باشا تدبير قتل الأمير جانم، وولده الأمير يوسف، وشاع ظلمه بالقاهرة على ما ذكره ابن الحنبلي في تاريخه، وكان يرى السحر وقيل فيه:

قاسم الأسود أفعى ... قاء سماً للعباد

كل من قد ذاق منه ... عاد منه كالرماد

ثم جاء عليه التفتيش في آخر عمره، وفتش عليه بالقاهرة، ثم شنق على باب زويله بعد أن رجمه الناس بما وجدوه من حجر أو مدر حين أخرج من الحبس، إلى موضع شنقه، وكان ذلك في سنة سبع وأربعين وتسعمائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>