للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد خدمها الأفاضل، فمنهم من خمسها، ومنهم من شرحها، وقد اتفق لنا رواية هذه القصيدة، وغيرها من كلامه، ورواية تفسيره الحافل عن أحد تلاميذه العلامة السيد الشريف المولى محمد المعروف بالسعودي قاضي حلب، وآمد، وغيرها حين قدم علينا دمشق سنة ثمان وتسعين وتسعمائة، وكان المولى أبو السعود عالماً عاملاً، وإماماً كاملاً شديد التحري في فتاويه حسن الكتابة عليها، وقدراً مهيباً حسن المجاورة، وافر الأنصاف ديناً خيراً سالماً مما ابتلي به كثير من موالي الروم من أكل المكيفات، سالم الفطنة جيد القريحة، لطيف العبارة، حلو النادرة، سئل عن شخص لا هو مريض، ولا صحيح ولا حي، ولا ميت، ولا عاقل، ولا مجنون، ولا نائم، ولا يقظان، فأجاب بقوله إن كان لهذا وجود فهو الترياقي وسئل عن شرب القهوة قبل أن يكمل اشتهارها بعدما قرر له اجتماع الفسقة على شربها، فأجاب بقوله ما أكب أهل الفجور على تعاطيه، فينبغي أن يجتنبه من يخشى الله، ويتقيه، وهذا ليس فيه تصريح بتحريمها، بل يقتضي أن الأولى تركها حذراً من التشبه بالفجار، والكلام في القهوة الآن قد انتهى الاتفاق على حلها في نفسها وأما اجتماع الفسقة على إدارتها على الملاهي، والملاعب، وعلى الغيبة، والنميمة فإنه حرام بلا شك وقد أجبت عن سؤال صورته.

أيها الفاضل الذي جمع العلم ... وحاز التقى فأصبح قدوة

أفتنا أنت هل تقول حلال أم ... حرام على الورى شرب قهوة

فقلت:

أيها السائل الذي جاء يرجو ... عندنا أن نبيحه شرب قهوه

قهوة البن لا تكون حراماً ... إنها لا تفيد في النفس نشوه

غير أن الذي يجيء بيوتاً ... هي فيها تدار عادم نخوه

إذ يرى المرد والمعازف والنرد ... وكل يلهو فيبلغ لهوه

ثم لم يقو أن يغير نكرأ ... خشية أن يعد ذلك هفوه

أو يجيبوه بالإهانة والسوء ... ويجفونه بأعظم جفوه

أويخلي شيطانه لهواه ... لهوه في تلك البيوت ولغوه

معرضاً عن رشاده وتقاه ... سالياً عن صلاته أي سلوه

كل هذا مخالف لطريق ... خطه المصطفى وعرج نحوه

فأجتنبه ودع طوائف تدعوك ... إليه ولو باكد دعوه

لا تطعهم ولو رضوا منك خطوة ... فتطيع الرجيم في كل خطوه

وإذا شئت شرب قهوة بن ... حسوة قد أردت أو ألف حسوه

<<  <  ج: ص:  >  >>