للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه


ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه من لم يتوق النفي في الصفات يعني: والتشبيه زل ولم يصب التنزيه لا بد من توقي هذين الأمرين النفي، يعني: نفي الصفات وتعطيلها كما فعلت الجهمية والمعتزلة والأشاعرة فيمن نفوا من الصفات نفوا الصفات والتشبيه كما فعلت المشبهة فقالوا: إن صفات الخالق كصفات المخلوق، فلا بد أن تتوقى هذين الأمرين، تتوقى النفي في باب التنزيل، وتتوقى التشبيه والتمثيل في باب الإثبات وهذا هو الذي فعله أهل السنة والجماعة أثبتوا الصفات لله عز وجل علي بجلاله وعظمته، وتوقوا النفي في باب التنزيل فلم يعطلوا ولم ينفوا الصفات، وتوقوا التشبيه في باب الإثبات فلم يقولوا: إنها مماثلة لصفات المخلوقين بل أثبتوا الصفات ونفوا الكيفية، وهذان النوعان مرض مرض النفي ومرض التعطيل والتشبيه مرضان عظيمان وهما مرضان للقلوب المرض الأول مرض شبهة والمرض الثاني مرض شهوة.
فأمراض القلوب تنقسم إلى قسمين: القسم الأول مرض الشبهة والقسم الثاني مرض الشهوة وكلاهما مذكوران في القرآن فمن مرض الشهوة قول الله -تعالى-: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} أي: مرض الشهوة ومن مرض الشبهة، ومن الأدلة على مرض الشبهة قول الله -تعالى-: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} وقوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (١٢٥) } ومرض الشبهة أشد من مرض الشهوة؛ لأن مرض الشهوة يرجى له الشفاء بقضاء الشهوة ومرض الشبهة لا شفاء له إلا أن يتداركه الله برحمته والشبهة تكون في الصفات، وتكون في مسألة القدر وأشد الشبهتين ما كان من أمر القدر. نعم

<<  <   >  >>