للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشفاعة التي ادخرها لهم حق كما روي في الأخبار


الشفاعة التي ادخرها لهم حق كما جاء في الأخبار الشفاعة في اللغة قيل: الوسيلة والطلب، والحق أنها مشتقة من الشفع الذي هو ضد الوتر، فهي إذا الشفاعة في اللغة ضم الشيء إلى الشيء به يصير الشيء زوجا بعد إذ كان منفردا فكأن الشافع ضم سؤاله إلى سؤال المشفوع له هذه الشفاعة في اللغة مشتقة من الشفع وهي ضم الشيء إلى الشيء به يصير الشيء زوجا بعد إذ كان منفردا، وقيل: الوسيلة والطلب، وأما الشفاعة شرعا واصطلاحا فقيل: سؤال الخير للغير، وقيل: هي التجاوز هي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم، وقيل: هي مساعدة ذي الحاجة صاحب الحاجة عند من يملك الحاجة، والمشفِّع والمشفَّع المشفع اسم فاعل من شفع يشفع فهو شافع وشفيع وهو الذي يقبل الشفاعة والمشفع اسم مفعول من شفع يشفع وهو الذي تقبل شفاعته.
أقسام الشفاعة: الشفاعة قسمان: مثبتة وهي لأهل التوحيد، ومنفية وهي لأهل الشرك إذا الشفاعة نوعان: شفاعة مثبتة وهي لأهل التوحيد الشفاعة لا تكون إلا للموحدين من مات على التوحيد فله الشفاعة، والثانية: شفاعة منفية، وهي لأهل الشرك الشرك الأصلي كما قال الله: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) } الشفاعة المثبتة والشفاعة المثبتة هي التي لا تكون إلا للموحدين لأهل التوحيد لأهل الإيمان، أما الكفرة لا نصيب لهم في الشفاعة منفية عنهم إذا الشفاعة المنفية للكفرة والشفاعة المثبتة للموحدين أقسام الشفاعة المثبتة ثمانية:
القسم الأول: الشفاعة العظمى وهي التي تكون في موقف القيامة لإراحة الناس من الموقف وهي خاصة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ودليلها حديث الصور الطويل وفيه (أن الناس يأتون آدم ثم نوحا ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ثم يأتون نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم فيذهب فيسجد تحت العرش في مكان يقال له: الفحص فيقول الله: ما شأنك وهو أعلم؟ قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم فأقول: يا ربي وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك، فاقض بينهم فيقول الرب -سبحانه وتعالى- شفعتك أنا آتيكم فأقضي بينهم قال: فأرجع فأقف مع الناس) .
ولكن الأئمة حينما يوردون أحاديث الشفاعة حديث الشفاعة من طرق متعددة لا يذكرون فيه الشفاعة العظمى في أن يأتي الرب لفصل القضاء كما ورد في حديث الصور مع أن فصل القضاء هو المقصود في هذا المقام ومقتضى سياق أول الحديث بل يعتدون إلى الشفاعة في عصاة الأمة وإخراجهم من النار فما الحكمة من ذلك؟ يعني: العلماء إذا ذكروا حديث الشفاعة وصلوا إلى موقف القيامة عدلوا وذكروا الشفاعة في إخراج العصاة من النار ولم يتكلموا في الشفاعة لإراحة الموقف، فما السر وما الحكمة؟.
جواب ذلك أن مقصود السلف في الاقتصار على هذا المقدار من الحديث مقصودهم هو الرد على الخوارج والمعتزلة والزيدية الذين أنكروا خروج أحد من النار بعد دخولها فيذكرون هذا القدر من الحديث الذي في النص الصريح في الرد عليهم في بدعتهم هذه المخالفة للأحاديث.
النوع الثاني من الشفاعة الشفاعة لأهل الجنة في الإذن لهم في دخولها، ودليلهم ما في صحيح مسلم عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أنا أول شفيع في الجنة) .
النوع الثالث: الشفاعة في أقوام أن يدخلوا الجنة بغير حساب ودليله حديث عكاشة بن محصن حين دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعله من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب وهو في الصحيحين ومن الأدلة أيضا قول الله -تعالى- في جواب قول النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: أمتي أمتي قال: (أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن) أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه الذين يدخلون الجنة بغير حساب وهم شركاء الناس في بقية الأبواب.
النوع الرابع: الشفاعة في رفع درجات قوم من أهل الجنة فيها فوق ما كان يقتضيه ثوابهم ومن دليل ذلك حديث أنس (أنا أول شفيع في الجنة) .
هذه أربعة أنواع ما خالف فيها أحد وافق فيها حتى الخوارج والمعتزلة هذه الأنواع بأن الشفاعة خاصة بالمؤمنين الشفاعة العظمى ما أنكرها أحد وهي الشفاعة لفصل القضاء بين الناس، والشفاعة لأهل الجنة في الإذن لهم في دخولها هذه للمؤمنين، والشفاعة في أقوام أن يدخلوا الجنة بغير حساب هذه للمؤمنين، والشفاعة في رفع درجات قوم من أهل الجنة هذه للمؤمنين ما أنكرها الخوارج أو المعتزلة بقي أربعة أنواع هي التي أنكرها أهل البدع.

<<  <   >  >>