للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشرعا: جسر ممدود على متن جهنم، يرده الأولون والآخرون، والأدلة على إثباته كثيرة، منها قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١) } وفي الحديث الذي رواه البيهقي، عن مسروق، عن عبد الله بن عباس قال: (يجمع الله الناس يوم القيامة إلى أن قال: ويمرون على الصراط، والصراط كحد السيف دحض، ومزلة، فيقال: لهم امضوا على قدر نوركم) .

وجاء في حديث عائشة (في جهنم جسر أدق من الشعر، وأحد من السيف، عليه كلاليب وحسك)

قال العلماء في وصف الصراط: إنه أدق من الشعر، وأحد من السيف، وأحر من الجمر جاء هذا في أحاديث، وقد أنكر بعض الطوائف الصراط، وهم المعتزلة، وقالوا: ليس هناك صراط حسي، وقالوا: إن الصراط إنما هو المراد الصراط المعنوي، فأهل الحق يثبتون الصراط على ظاهره، من كونه جسرا ممدودا على متن جهنم، أحد من السيف وأنكر بعض المعتزلة كالقاضي عبد الجبار المعتزلي، وكثير من أصحابه، ومن أتباعه. قالوا: ليس هناك صراط حسي، قال: والمراد بالصراط طريق الجنة، المشار إليه بقوله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (٥) } وطريق النار المشار إليه بقوله تعالى: {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣) } .

شبهتهم:

قالوا: إنهم أنكروا الصراط الحسي، زعما منهم أنه لا يمكن عبوره، وإن أمكن ففيه تعذيب، ولا عذاب على المؤمنين يوم القيامة، والرد أن هذا تأويل باطل بوجوب حمل النصوص على حقائقها، وليس العبور على الصراط بأعجب من المشي على الماء والطيران في الهواء، والوقوف فيه، وقد أجاب النبي صلى الله عليه وسلم عن سؤال حشر الكافر على وجهه، بأن القدرة صالحة لذلك، والمراد بالورود في قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} في أصح قولي العلماء: المرور على الصراط، وقال بعضهم: دخول جهنم، والصواب أن المراد به المرور على الصراط.

الصراط: كما سبق أنه لغة: الطريق الواضح، ومنه قول جرير

أمير المؤمنين على صراط *** إذا اعوج الموارد مستقيما

وشرعا: جسر ممدود على متن جهنم، يرده الأولون والآخرون بعد مفارقتهم مكان الموقف.

الأدلة على إثباته كثيرة: منها ما رواه البيهقي بسنده، عن مسروق، عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: (يجمع الله الناس يوم القيامة إلى أن قال: ويمرون على الصراط، والصراط كحد السيف دحض، ومزلة، فيقال لهم: امضوا على قدر نوركم) ثانيا: ما أخرجه الإمام أحمد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (في جهنم جسر أدق من الشعر، وأحد من السيف، عليه كلاليب وحسك..) الحديث، ثالثا: أخرج البيهقي عن أنس - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصراط كحد السيف..) الحديث.

وفي بعض الآثار أن طول الصراط مسيرة ثلاث آلاف سنة، والله أعلم، قال: ألف منها صعود، وآلف منها هبوط، وآلف منها استواء، والله أعلم بالصواب.

وصف الصراط:

قال العلماء: الصراط أدق من الشعرة، وأحد من السيف وأحر من الجمر، فقد أخرج الطبراني بإسناد حسن، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: (يوضع الصراط على سواء جهنم، مثل حد السيف المرهف مدحضة، أي مزلة، أي لا تثبت عليه قدم، بل تزل عنه إلا من يثبته الله، عليه كلاليب من نار تخطف أهلها، فتمسك بهواديبها، ويستبقون عليه بأعمالهم، فمنهم من شده كالبرق، وذلك الذي لا ينشب أن ينجو، ومنهم من شده كالريح، ومنهم من شده كالفرس) .

الطائفة المنكرة للصراط، وشبهتها وتأويلهم للصراط والرد عليه: أهل الحق يثبتون الصراط على ظاهره، بكونه جسرا حسيا ممدودا على متن جهنم، أحد من السيف، وأنكر هذا الظاهر القاضي عبد الجبار المعتزلي، وكثير من أتباعه، وأولوا الصراط فقالوا: المراد بالصراط طريق الجنة المشار إليه بقوله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (٥) } وطريق النار المشار إليها بقوله: {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (٢٣) } شبهتهم: أنكروا الصراط الحسي، زعما منهم أنه لا يمكن عبوره، وإن أمكن، ففيه تعذيب، ولا عذاب على المؤمنين يوم القيامة.

الرد عليهم: تأويلهم هذا باطل بوجوب حمل النصوص على حقائقها، وليس العبور على الصراط بأعجب من المشي على الماء، والطيران في الهواء والوقوف فيه، وقد أجاب صلى الله عليه وسلم عن سؤال حشر الكافر على وجهه، بأن القدرة صالحة لذلك.

هل هناك صراط آخر؟

قال القرطبي -رحمه الله-: اعلم -رحمك الله تعالى- أن في الآخرة صراطين:

<<  <   >  >>