للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هناك مسائل تابعة لهذا البحث: مثل استئجار قوم يقرءون القرآن ويهدونه للميت، ومثل الأجرة على التلاوة، ومثل الاستئجار على التعليم، وأخذ الأجرة عليه، ومثل إعطاء قارئ القرآن ومعلمه ومتعلمه معونة بدون شرط أو رصد من بيت المال ومثل الوصية بأن يعطى شيء من ماله لمن يقرأ على قبره ومثل قراءة القرآن وإهدائها للميت طبعا بغير أجرة، ومثل الإهداء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومثل قراءة القرآن عند القبور هذه مسائل كلها تحتاج إلى بحث، ولكن لا نستطيع بحثها، ولعل الله أن ييسر فيما بعد نسجلها، إن شاء الله، ونلحقها بهذا البحث.

انتفاع الأموات بسعي الأحياء قلنا: إن هناك مسائل تابعة لهذا البحث هذه المسائل أولا:

المسألة الأولى: استئجار قوم يقرءون القرآن ويهدونه للميت وأخذ الأجرة عن التلاوة.

ثانيا المسألة الثانية: الاستئجار على التعليم يعني تعليم القرآن وأخذ الأجرة عليه.

الثالثة: إعطاء قارئ القرآن ومعلمه ومتعلمه معونة بدون شرط أو رصدا من بيت المال.

الرابعة: الوصية بأن يعطى شيء من ماله لمن يقرأ القرآن على قبره

الخامسة: قراءة القرآن وإهدائها للميت طوعا بغير أجرة.

السادسة: الإهداء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

السابعة: قراءة القرآن عند القبور.

أما المسألة الأولى: وهي استئجار قوم يقرءون القرآن ويهدونه للميت، فإن هذا لا يجوز بلا خلاف، بل هو عمل بدعي؛ لأنه لم يفعله واحد من السلف؛ لأنه لم يرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله أحد من السلف، ولا أمر به أحد من أئمة الدين، ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ الأجرة عن نفس التلاوة غير جائز؛ لأن تلاوة القرآن وأخذ الأجرة على نفس التلاوة غير جائز بلا خلاف؛ لأن تلاوة القرآن عبادة، والعبادات لا تؤخذ الأجرة عليها كالحج والصلاة والأذان فلا يصح أخذ الأجرة، والثواب لا يصل إلى الميت، إلا إذا كان العمل لله خالصا.

وهذا الذي أخذ أجرته لم يقع عبادة خالصة فلا يكون له من ثوابه ما يهديه إلى الموتى، ولهذا لم يقل أحد: إنه يكتري من يصلي من يصوم ويصلي ويهدي ثوابه للميت، إذن فلا يجوز له بعد أخذ الأجرة أن يهديه للميت؛ لأن التالي أخذ أجرته فلا ثواب له، فكيف يهب شيئا لا ثواب له.

المسألة الثانية: الاستئجار على تعليم القرآن ونحوه مما فيه منفعة تصل إلى الغير وأخذ الأجرة عليه، اختلف العلماء فيه على قولين: فقيل لا يصح أخذ الأجرة على تعليم القرآن قيل: لأنه عبادة، استدلوا بأنه عبادة، ولحديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - (أنه علَّم رجلا من أهل الصفة آيات من القرآن، فأعطاه قوسا فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أحببت أن تطوق قوسا من نار فاقبلها)

القول الثاني: أنه يجوز الاستئجار على تعليم القرآن، ويصح أخذ الأجرة عليه لما يأتي: - أولا ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا من الصحابة امرأة على أن يعلمها آيات من القرآن، وقال: (زوجتك بما معك من القرآن) رواه البخاري. ولحديث البخاري الآخر: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله) وهذا هو الصواب، هو الراجح أنه يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن.

وأما ما استدل به المانعون من حديث عبادة فهو حديث ضعيف لا يقاوم حديث البخاري ولو صح فيحمل المنع فيه على أحد أمرين: أولا: أنه أن النبي منعه لفقره؛ لأنه إما لفقر أهل الصفة، وإما لكونه متبرعا بذلك فنهاه لئلا يفسد أجره.

المسألة الثالثة: وهي أخذ المعلمين والمتعلمين والقارئين والمقرئين من بيت المال والتبرعات ما يعينهم على ذلك، أخذ المعلمين والمتعلمين والقارئين والمقرئين والأئمة والمؤذنين والقضاة ورجال الحسبة من بيت المال أو التبرعات ما يعينهم على ذلك جائز لا بأس به؛ لأن هذا من جنس الصدقة عنهم فيجوز وكذلك إعطائهم أرزاق من بيت المال جائز لا محذور فيه؛ لأن بيت المال فيه كفالة هؤلاء، إنما الممنوع الاستئجار كونه يستأجر شخصا يؤذن أو يستأجر شخصا يصلي بالناس وما أشبه ذلك، فهذا هو الممنوع.

أما إعطائه شيئا معونة بدون اشتراط أو إعطائه من بيت المال فهذا ليس فيه شيء؛ لأن بيت المال فيه كفالة المسلمين جميعا، قال بعض العلماء: إنه إذا اضطر إلى الاستئجار فلا حرج إن تعطل المسجد، ولم يوجد إلا بأجرة فلا بأس للضرورة.

أما المسألة الرابعة: وهي الوصية بأن يعطى شيء من ماله لمن يقرأ القرآن على قبره فالوصية باطلة؛ لأنه غير مشروط، استئجار من يقرأ القرآن على قبره؛ لأنه فيه معنى الأجرة وكذلك لو وقف على من يقرأ عند قبره فالتعيين باطل؛ لأنه غير مشروع؛ والوقف ماض، فيصرف في غير المصرف الذي عينه من جهات البر الأخرى.

أما المسألة الخامسة: وهي التطوع بقراءة القرآن وهبة الثواب للميت بأن يقرأ القرآن ويختمه ويهدي ثوابه للميت أو يقرأ سورة ويهدي ثوابها للميت، ومثله لو سبح وهلل وأهدى ثوابها للميت فهذه المسألة مختلف فيها:

<<  <   >  >>