للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَيْسَ بَعْدَ خَلْقِ الْخَلْقِ اسْتَفَادَ اسْمَ "الْخَالِقِ"، وَلَا بِإِحْدَاثِ الْبَرِيَّةِ اسْتَفَادَ اسْمَ "الْبَارِي.


ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق، ولا بإحداث البرية استفاد اسم الباري" المعنى: أنه -سبحانه وتعالى- اسمه الخالق، واسمه الباري لم يزل له هذا الاسم من أسمائه الخالق، ومن أسمائه البارئ، والله الخالق والبارئ، أي برأ البرية وأحدثها والذي خلق الخلق هو لم يزل متصفا بصفاته، ولم يزل له الأسماء الحسنى؛ لأنه -سبحانه وتعالى- قادر على الفعل؛ ولأنه فعال وهو قادر على الفعل في أي وقت.
خلافا لأهل البدع الذين يقولون: إن هناك فترة عطلوا فيها الرب عن الكلام والفعل، فقالوا: إن الكلام والفعل كان ممتنعا ثم انقلب فجأة فصار ممكنا، فالرب -سبحانه وتعالى- لم يزل ولا يزال متصفا بصفاته وبأسمائه الحسنى؛ لأنه فعال وقادر على الفعل في أي وقت، والفعل له ممكن في أي وقت، والفعل صفته -سبحانه وتعالى- والمفعول هو المخلوق المنفصل وهو سبحانه يخلق بكلام: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) } .
ومادام أنه فعَّال وقادر على الفعل في أي وقت فهو متصف بالصفات، فالإنسان حينما يتكلم ويكون قادرا على الكلام يقال: إنه متكلم، متصف بالكلام، فإذا تكلم أمس ثم تكلم اليوم يقال: إنه متكلم وإذا كان ساكتا، وهو قادر على الكلام يقال إنه متكلم بالقوة، وإذا تكلم يقال: إنه متكلم بالفعل؛ لأنه قادر على الكلام والكاتب إذا كان يكتب ويباشر الكتابة، يقال: كاتب بالفعل وإذا رفع يده عن القلم يقال كاتب بالقوة؛ لأنه قادر على الكتابة، فالقادر على الفعل يكون فاعلا، والله -سبحانه وتعالى- فعال قادر على الفعل في أي وقت من الأوقات.
ولهذا هو -سبحانه وتعالى- الخالق وهو البارئ قبل الخلق وبعده، وكما سبق أن الحوادث متسلسلة في الماضي والرب لم يزل يفعل، ويخلق إلى ما لا نهاية في الأزل. نعم.

<<  <   >  >>