للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

بَدَأَهَا فِيهِ (قُلْت) يَرُدُّ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أُبَيٍّ الْمَذْكُورِ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ «فَسَافَرَ عَامًا فَلَمْ يَعْتَكِفْ» وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَانِعَهُ مِنْ الِاعْتِكَافِ ذَلِكَ الْعَامِ السَّفَرُ، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كَانَ مُقِيمًا يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فَإِذَا سَافَرَ اعْتَكَفَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ عِشْرِينَ» وَيُحْتَمَلُ أَنَّ سَبَبَ اعْتِكَافِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عِشْرِينَ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّقَرُّبِ لِاسْتِشْعَارِهِ قُرْبَ وَفَاتِهِ كَمَا «كَانَ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي كُلِّ رَمَضَانَ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَرَضَهُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ» وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدَ الْجُمْلَةِ الَّتِي نَقَلْنَاهَا مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «وَكَانَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ» .

[فَائِدَة إمَامَةُ الْمُعْتَكِفِ] ١

(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) (فِيهِ) رَدٌّ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ إمَامَةُ الْمُعْتَكِفِ فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا كَانَ يَعْتَكِفُ كَانَ مُسْتَمِرًّا عَلَى إمَامَتِهِ بِالنَّاسِ بِلَا شَكٍّ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى خِلَافِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَائِدَة اعْتِكَافِ النِّسَاءِ] ١

(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ جَوَازُ اعْتِكَافِ النِّسَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ لِلنِّسَاءِ مَكْرُوهٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْفَائِدَةِ التَّاسِعَةِ لَكَانَ مَذْهَبًا وَلَوْلَا أَنَّ ابْنَ عُيَيْنَةَ وَهُوَ حَافِظٌ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُنَّ اسْتَأْذَنَّهُ فِي الِاعْتِكَافِ لَقَطَعْت بِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لِلنِّسَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ غَيْرُ جَائِزٍ وَمَا أَظُنُّ اسْتِئْذَانَهُنَّ مَحْفُوظًا وَلَكِنَّ ابْنُ عُيَيْنَةَ حَافِظٌ، وَقَدْ تَابَعَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَابْنُ فُضَيْلٍ عَلَى أَنَّ اسْتِئْذَانَهُنَّ لَا يَرْفَعُ مَا ظَنَّهُ بِهِنَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِنَّ انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ فَبِهَذَا كَرِهْت اعْتِكَافَ الْمَرْأَةِ إلَّا فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وَذَلِكَ بِأَنَّهَا إذَا صَارَتْ إلَى مُلَازَمَةِ الْمَسْجِدِ الْمَأْهُولِ لَيْلًا وَنَهَارًا كَثُرَ مَنْ يَرَاهَا وَمَنْ تَرَاهُ انْتَهَى.

وَبَوَّبَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ.

(بَابُ مَنْ كَرِهَ اعْتِكَافَ الْمَرْأَةِ) .

[فَائِدَة اخْتِصَاصُ الِاعْتِكَافِ بِالْمَسَاجِدِ]

(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) لَا شَكَّ فِي أَنَّ اعْتِكَافَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ فِي مَسْجِدِهِ وَكَذَا اعْتِكَافُ أَزْوَاجِهِ فَأُخِذَ مِنْهُ اخْتِصَاصُ الِاعْتِكَافِ بِالْمَسَاجِدِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي مَسْجِدِ الْبَيْتِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُهَيَّأُ لِلصَّلَاةِ فِيهِ لَا فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَلَا فِي حَقِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>