للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الطَّرِيقِ يُحْمَلُ جَمِيعُ مَا وَرَدَ مِنْ مِثْلِ هَذَا فِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ تَصْرِيحِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ هَذَا كَانَ بَعْدَ غَطِّ الْمَلَكِ وَإِتْيَانِهِ بِاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك انْتَهَى.

قَالَ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْقَاضِي وَيَكُونُ مَعْنَى خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي أَنَّهُ يُخْبِرُهَا بِمَا حَصَلَ لَهُ أَوَّلًا مِنْ الْخَوْفِ لَا أَنَّهُ فِي الْحَالِ خَائِفٌ.

وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْخَشْيَةِ بِأَقْوَالٍ كَثِيرَةٍ فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ إلَى أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّ الَّذِي جَاءَهُ مَلَكٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَانَ أَشَقُّ شَيْءٍ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ عَنْهُ مَجْنُونٌ، قَالَ وَلَمْ يَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ هَذَا مُحَالٌ فِي مَبْدَأِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ قَدْ لَا يَحْصُلُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَضَرَبَ مَثَلًا بِالْبَيْتِ مِنْ الشِّعْرِ تَسْمَعُ أَوَّلَهُ فَلَا تَدْرِي أَنَظْمٌ هُوَ أَمْ نَثْرٌ، فَإِذَا اسْتَمَرَّ الْإِنْشَادُ عَلِمْتَ قَطْعًا أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ قَصْدَ الشِّعْرِ كَذَلِكَ لَمَّا اسْتَمَرَّ الْوَحْيُ وَاقْتَرَنَتْ بِهِ الْقَرَائِنُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلْعِلْمِ الْقَطْعِيِّ حَصَلَ الْعِلْمُ الْقَطْعِيُّ، وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَذَا الْعِلْمِ، فَقَالَ {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} [البقرة: ٢٨٥] إلَى قَوْلِهِ {وَمَلائِكَتِهِ} [البقرة: ٢٨٥] فَإِيمَانُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ إيمَانٌ كَسْبِيٌّ مَوْعُودٌ عَلَيْهِ بِالثَّوَابِ الْجَزِيلِ كَمَا وَعَدَ عَلَى سَائِرِ أَفْعَالِهِ الْمُكْتَسَبَةِ كَانَتْ مِنْ أَفْعَالِ الْقَلْبِ أَوْ الْجَوَارِحِ، قَالَ وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» أَيْ خَشِيتُ أَنْ لَا أَنْتَهِضَ بِأَعْبَاءِ النُّبُوَّةِ وَأَنْ أَضْعُفَ عَنْهَا ثُمَّ أَزَالَ اللَّهُ خَشْيَتَهُ وَرَزَقَهُ الْأَيْدَ وَالْقُوَّةَ وَالثَّبَاتَ وَالْعِصْمَةَ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ خَشْيَتَهُ كَانَتْ مِنْ قَوْمِهِ أَنْ يَقْتُلُوهُ وَلَا غَرْوَ فَإِنَّهُ بَشَرٌ يَخْشَى مِنْ الْقَتْلِ وَالْإِذَايَةِ الشَّدِيدَةِ مَا يَخْشَاهُ الْبَشَرُ ثُمَّ يُهَوِّنُ عَلَيْهِ الصَّبْرُ فِي ذَاتِ اللَّهِ كُلَّ خَشْيَةٍ وَيَجْلِبُ إلَى قَلْبِهِ كُلَّ شُجَاعَةٍ وَقُوَّةٍ انْتَهَى.

[فَائِدَة مَنْ نَزَلَتْ بِهِ مُلِمَّةٌ] ١

(الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ) فِيهِ أَنَّهُ مَنْ نَزَلَتْ بِهِ مُلِمَّةٌ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُشَارِكَ فِيهَا مَنْ يَثِقُ بِنُصْحِهِ وَرَأْيِهِ وَمَعْرِفَتِهِ.

(الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ) قَوْلُهَا «كَلًّا» بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ مَقْصُورٌ وَهِيَ هُنَا كَلِمَةُ نَفْيٍ وَإِبْعَادٍ وَهُوَ أَحَدُ مَعَانِيهَا، وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى حَقًّا وَبِمَعْنَى الاستفتاحية، وَقَوْلُهَا «أَبْشِرْ» يَجُوزُ فِيهِ قَطْعُ الْهَمْزَةِ وَوَصْلُهَا يُقَالُ بَشَّرْته وَأَبْشَرْتُهُ وَبَشَّرْته بِمَعْنًى ثَلَاثُ لُغَاتٍ.

(الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ) قَوْلُهَا «لَا يُخْزِيك اللَّهُ» ضَبَطْنَاهُ فِي رِوَايَتِنَا بِضَمِّ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ وَإِسْكَانِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَ الزَّايِ يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>