للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

ابْنُ حَزْمٍ الْمُتَقَدِّمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْعَقِيقُ كُلُّ مَسِيلٍ شَقَّهُ مَاءُ السَّيْلِ فَوَسَّعَهُ وَفِي بِلَادِ الْعَرَبِ أَرْبَعَةُ أَعِقَّةٍ وَهِيَ أَوْدِيَةٌ عَادِيَةٌ مِنْهَا عَقِيقٌ يَتَدَفَّقُ مَاؤُهُ فِي غَوْرِي تِهَامَةَ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا عَشَرَةٌ.

[فَائِدَة رِفْقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمَّتِهِ فِي تَوْقِيتِهِ لِمَوَاقِيتِ الْحَجِّ] ١

(السَّادِسَةَ عَشْرَةَ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِيهِ رِفْقُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَمَتِهِ فِي تَوْقِيتِهِ هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ لَهُمْ فَجَعَلَ الْأَمْرَ لِأَهْلِ الْآفَاقِ بِالْقُرْبِ وَلَمَّا كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَقْرَبَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ الْمَذْكُورَةِ وَقَّتَ لَهُمْ ذَا الْحُلَيْفَةِ خَارِجَ الْمَدِينَةِ بِسِتَّةِ أَمْيَالٍ وَجَعَلَ لِمَنْ مَرَّ بِهَا مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ الْمَصِيرَ إلَى مِيقَاتِهِمْ الْجُحْفَةِ عَلَى ثَمَانِيَةِ مَرَاحِلَ مِنْ الْمَدِينَةِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْأَفَّاقِيَّ الْمَارَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ لَهُ مُجَاوَزَتُهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ إلَى الْجُحْفَةِ الَّتِي هِيَ مِيقَاتُهُ هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ خِلَافُهُ.

(السَّابِعَةَ عَشْرَةَ) وَقَّتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الْمَوَاقِيتَ لِأَهْلِ هَذِهِ الْأَمْصَارِ وَبَيَّنَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ أَهْلِهَا وَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ الْمُقِيمِينَ بِهَذِهِ الْمَوَاقِيتِ كَحُكْمِ الْمَارِّينَ بِهَا، وَفُهِمَ مِنْ سُكُوتِهِ عَمَّنْ سَكَنُهُ بَيْنَ الْمَوَاقِيتِ وَمَكَّةَ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الرُّجُوعُ إلَى هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ بَلْ يُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ إذْ لَوْ كُلِّفَ الرُّجُوعَ إلَيْهَا لَمْ يَخْتَصَّ تَأْقِيتُهَا بِالْمَارِّينَ بِهَا، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ «وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» أَيْ فَمَنْ حَيْثُ أَنْشَأَ السَّفَرَ مِنْهُ وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَبِهِ قَالَ كَافَّةُ الْعُلَمَاءِ إلَّا مُجَاهِدًا فَقَالَ مِيقَاتُهُ مَكَّةُ نَفْسُهَا وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ يُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ إلَّا حَرَامًا فَإِنْ دَخَلَهُ غَيْرَ حَرَامٍ فَلْيَخْرُجْ مِنْهُ وَلِيُهِلَّ حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْحِلِّ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّهُ وَقَوْلَ مُجَاهِدٍ شَاذَّانِ.

وَأَمَّا مَنْ هُوَ بِمَكَّةَ فَمِيقَاتُهُ نَفْسُ مَكَّةَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهَا وَالْإِحْرَامُ خَارِجَهَا وَلَوْ كَانَ فِي الْحَرَمِ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْإِحْرَامُ مِنْ الْحَرَمِ كُلِّهِ جَائِزٌ، وَالْحَدِيثُ بِخِلَافِهِ وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ خَرَجَ إلَى الْحِلِّ جَازَ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَلَا دَمَ لِأَنَّهُ زَادَ وَمَا نَقَصَ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجُوزُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>