للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

هَذَا دَلِيلٌ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ قَارِنًا فِي حَجَّةِ الْوَادِعِ.

[فَائِدَة كَيْفَ يَحِلُّ بِعُمْرَةٍ وَيَحِلُّ مِنْهَا] ١

(الْخَامِسَةُ) إنْ قُلْت مَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ بِعُمْرَةٍ وَكَيْفَ يَلْتَئِمُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهُ مِنْ عُمْرَتِك كَيْفَ يُهِلُّ بِعُمْرَةٍ وَيَحِلُّ مِنْهَا؟ (قُلْت) الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - حَلُّوا بِعُمْرَةٍ فَإِنَّهُمْ فَسَخُوا الْحَجَّ إلَيْهَا فَأَتَوْا بِأَعْمَالِهَا وَتَحَلَّلُوا مِنْهَا وَلَوْلَا ذَلِكَ لَاسْتَمَرُّوا عَلَى الْإِحْرَامِ حَتَّى يَأْتُوا بِأَعْمَالِ الْحَجِّ فَكَانَ إحْرَامُهُمْ بِعُمْرَةٍ سَبَبًا لِسُرْعَةِ حِلِّهِمْ وَأَمَّا هُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِنَّهُ أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ فَلَمْ يَفِدْهُ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ سُرْعَةَ الْإِخْلَالِ لِبَقَائِهِ عَلَى الْحَجِّ فَشَارَكَ الصَّحَابَةَ فِي الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ وَفَارَقَهُمْ بِبَقَائِهِ عَلَى الْحَجِّ وَفَسْخِهِمْ لَهُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته مِنْ إدْخَالِهِ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَكَسَ الْخَطَّابِيُّ ذَلِكَ فَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ: هَذَا يُبَيِّنُ لَك أَنَّهُ كَانَتْ هُنَاكَ عُمْرَةٌ وَلَكِنَّهُ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ فَصَارَ قَارِنًا ثُمَّ حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ إدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَالْخِلَافُ فِي إدْخَالِهَا عَلَى الْحَجِّ مَنَعَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَجَازَهُ أَصْحَابُ الرَّأْيِ هَذَا كَلَامُهُ، وَمَنْ يَمْنَعُ إدْخَالَ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ يُجِيبُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَا قَرَّرْتُهُ أَوَّلًا بِأَنَّ هَذَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْحَجَّةِ فَقَدْ وَقَعَتْ فِيهَا أُمُورٌ غَرِيبَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسَةُ) الذَّاهِبُونَ إلَى الْإِفْرَادِ أَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَجْوِبَةٍ:

(أَحَدُهَا) أَنَّهَا أَرَادَتْ بِالْعُمْرَةِ مُطْلَقَ الْإِحْرَامِ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فَإِنْ قِيلَ فَمَا قَوْلُ حَفْصَةَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحْلِلْ مِنْ عُمْرَتِك» ؟

قِيلَ أَكْثَرُ النَّاسِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَكَانَتْ حَفْصَةُ مَعَهُمْ فَأُمِرُوا أَنْ يَجْعَلُوا إحْرَامَهُمْ عُمْرَةً وَيَحِلُّوا فَقَالَتْ لِمَ تَحَلَّلَ النَّاسُ وَلَمْ تَحْلِلْ مِنْ عُمْرَتِك يَعْنِي إحْرَامَك الَّذِي ابْتَدَأْته وَهُمْ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ «فَقَالَ لَبَّدْت رَأْسِي وَقَلَّدْت هَدْيِي فَلَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ بُدْنِي يُعْنَى» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ حَتَّى يَحِلَّ الْحَاجُّ لِأَنَّ الْقَضَاءَ نَزَلَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ إحْرَامَهُ حَجًّا وَهَذَا مِنْ سَعَةِ لِسَانِ الْعَرَبِ الَّذِي يَكَادُ يُعْرَفُ بِالْجَوَابِ فِيهِ انْتَهَى كَلَامُهُ.

(ثَانِيهَا) أَنَّهَا أَرَادَتْ بِالْعُمْرَةِ الْحَجَّ لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي كَوْنِهِمَا قَصْدًا (ثَالِثُهَا) أَنَّهَا ظَنَّتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>